مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
يناير – فبراير | 2025

المؤلِّف في الصورة..

الكتابة البصرية في الفن المعاصر

المؤلِّف في الصورة.. الكتابة البصرية في الفن المعاصر
تأليف: شرف الدين ماجدولين
الناشر: المركز الثقافي للكتاب، 2024م

يسعى هذا الكتاب، كما تُشير مقدمته، إلى بيان ما لمفهوم “المؤلِّف” من جدوى، في فهم طبيعة اشتغال الفن المعاصر. فهو من جهةٍ، يؤكد أنه لم يعد ثمة شكل ثابت للأعمال الفنية، ومن ثم، لم يعد في الإمكان فصلُها عن مضمونها اللفظي. ومن جهة أخرى، أصبحت الأعمال نفسها محلًّا لتدخلات متباينة من أطراف عديدة، يأتي على رأسها الفنان نفسه الذي أبدعها. فهو، باختصار، حاضرٌ في كل مراحل إنتاجها.


الكتاب من تأليف الأكاديمي والناقد المغربي شرف الدين ماجدولين، ويبحث فيه، تفصيليًّا، في بنية ما سمَّاه “فنون الكتابة البصرية” التي تستند في إنتاجها إلى البحث الوثائقي، وإلى كثير من المرجعيات الأخرى الأدبية والمعرفية والعلمية والتقنية، كما في فنون الفيديو والكولاج الفوتوغرافي والأداء الجسدي وغيرها من أشكال دمج السمعي والبصري والكتابي، التي يعدُّها “جديرة بالتأمل”، ليس فقط بالمعنى الصريح، الذي يجعل الحروف والكلمات جزءًا من بنية العمل الفني، بل أيضًا في استناد تأسيس عناصره الرئيسة إلى مفردات تنتمي إلى المجال الأدبي خصوصًا، مثل: مفاهيم “النص” و”المعنى” و”السرد”.


وينقسم الكتاب، في إطار انشغاله بمفهوم “المؤلف” بوصفه صاحب المشروع البصري كله، إلى خمسة فصول تناقش عديدًا من الموضوعات، منها: طرائق الاستعانة بالحرف المكتوب في المدونة البصرية، وتحليل التداخل بين الأشكال والمفردات في العمل الفني؛ إذ يتجاور الحرف مع الرسم والصورة في اللوحة المعاصرة ليُشكِّل نصًّا مصاحبًا لها، يتجاوز دور الخطاب الشارح، ليُشكل متنًا جوهريًّا في فهم معناها البلاغي.
يُحلل الكتاب كذلك آليات الكتابة البصرية في علاقتها الجدلية مع الحَرَكة والسكون، وما سمَّاه المؤلف “سردية الأشكال الصامتة”، و”التوريات البصرية” التي تعمد في إطار التشكيل الفني إلى استخدام مفاهيم وأفكار استقرت ضمن السرديات اللفظية المتنوعة، بعيدًا عن التقاليد الثابتة لقواعد التشكيل في اللوحات والمنحوتات. كما يتعمَّق هذا العمل في تجارب فنية تنتمي إلى “خطاب السيرة الذاتية البصري”، وهي الأعمال التي تنطلق من المسار الشخصي للفنان، وتُمثِّل تطورات وعيهِ بذاته.


كما يدرس شرف الدين ماجدولين مفهوم الباحث الوثائقي في علاقته بالمؤلِّف البصري، ويُقارن بين الطرائق التي تتشكَّل بها الأعمال البصرية، التي تستوفي كل شروط الإنتاج الفني، استنادًا إلى البحث الوثائقي. والمقصود هنا، وفقًا له، التيار الذي يستخدم المواد الأرشيفية والمستندات والشهادات في صلب منجزات الفيديو والتركيبات السمعية البصرية، مثل استخدام الفنانين أرشيفَ محكمة العدل الدولية، وشهادات الناجين من حروب الإبادة في أعمالهم؛ بحثًا أولًا، ثم تنفيذًا إبداعيًّا في الأخير.


يهتم الكتاب أيضًا باستكشاف طبيعة تأثر مؤلفي الأعمال الفنية بذواتهم في أثناء إنتاجهم البصري. فهم، بحسب ما نقرأ في أحد فصوله الذي جاء بعنوان “الكتابة البصرية وخطاب الغيرية”، يُحيلون في تراكيبهم البصرية على واقعهم هم أنفسهم أكثر مما يترجمون واقع مَن سعوا إلى تمثيل صورهم فيها.
يضمُّ الكتاب ملحقًا بجميع صور اللوحات والأعمال الفنية البصرية التي أنتجها كثير من الفنانين العرب، والتي نُوقشت بوصفها نماذج دالةً على هيمنة حضور المؤلف في الصورة التي ينتجها وأنماط تدخلاته فيها. ومن هؤلاء الفنانين المغربيان عبدالكريم الوزاني وعبدالكبير ربيع، واللبناني ريان ثابت، والتونسية نادية الكعبي، والفلسطينية منى حاطوم، والأردنية هيلدا الحياري.


مقالات ذات صلة

أدَّى التعدين دورًا اجتماعيًا واقتصاديًا وثقافيًا كبيرًا في الجزيرة العربية، وكان أحد أسباب بناء منظومة حضارية متكاملة بإنشاء المدن الصناعية واستقطاب آلاف العمال وتوطين علوم الهندسة والجيولوجيا والكيمياء، وتنشيط الاقتصاد الكلي والجزئي.

الجمل.. حيواننا المفضل، منذ آلاف السنين..

في اليد تجتمع القوة اللازمة للبطش والدفاع عن النفس، إلى الليونة التي تجعلها قادرة على التعامل مع أصغر الأشياء وأدقها.


0 تعليقات على “المؤلف في الصورة”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *