مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
يوليو - أغسطس | 2018

الرمل
مورد طبيعي غير متجدِّد ومهدَّد بالنضوب


أكبر مقرات وأجود أنواع الرمل موجودة في الصحارى، مثل الصحراء الإفريقية الكبرى وصحارى الجزيرة العربية

الرمل هو المادة الأولية في صناعة الزجاج والخَرَسانة والطوب والقرميد والجَص ورقائق الكمبيوتر، ويدخل أيضاً في بناء البيوت والطرقات والجسور والسدود وصولاً إلى بعض مستحضرات التجميل، فهو المورد الطبيعي الأكثر استعمالاً على الإطلاق. ولذا، قد لا يكون من المبالغة القول إن الرمل هو المادة الأساس في بناء الحضارة الحديثة.

ساد الاعتقاد إلى وقت قريب أن هذا المورد الطبيعي وافرٌ بغير حدود، فإن ازدياد الطلب عليه باطراد، خاصةً مع بداية القرن العشرين، جعلنا نستيقظ على حقيقة أنه آخذٌ بالنضوب وغير قابلٍ للتجدُّد. وهذا ما دفع معظم حكومات العالم إلى سن القوانين الضابطة لاستخراج الرمال والاتجار بها. كما أن بعض أوساط الأعمال والباحثين بدأوا في الفترة الأخيرة بالبحث عن بدائل لاستخراج الرمل، تمثَّلت بإعادة تدوير بعض مواده، كالخرسانة خارج الاستعمال والزجاج وغيره، وصولاً إلى تصنيعه.

ما هو الرمل؟
الرمل مادة طبيعيةٌ على شكل حبيباتٍ صغيرةٍ مفكَّكةٍ، ناتجةٌ عن تفتت الصخور والمعادن وبعض المواد العضوية الجافة، نتيجة العوامل الطبيعية المختلفة من رياحٍ وأمطارٍ وأمواجٍ ودورات التجمد والذوبان في الأماكن الباردة، خلال حقبٍ تاريخيةٍ طويلةٍ تمتد إلى عشرات ملايين السنين. ونظراً لطول الزمن الذي يتطلبه تشكّل الرمل، يمكن القول إنه مورد طبيعي غير متجدّد، شأنه في ذلك شأن البترول.
ويوجد الرمل في كافة أنحاء العالم، في المناخات الباردة والساخنة أو المعتدلة. لكن أكبر مقرَّاته وأجود نوعياته موجودة في الصحارى، مثل الصحـراء الإفريقية الكبرى وصحارى الجزيرة العربية، وعلى شواطئ المحيطات والبحـار والأنهـار والبحيرات وأراضي المستنقعات.
يتشكَّل الرمل بمعظمه من مادتي الكوارتز والسيليكا المتشابهتين، اللتين تجعلان تركيبته غير متفاعلةٍ كيميائياً، وقاسيةً للغاية، وأشد مقاومةً للظروف المناخية. وتختلف ألوانه تبعاً لطبيعة الصخور أو المعادن أو المواد العضوية التي يتأتى منها.
ويمكن لدراسة حبات الرمل علمياً، أن تكشف كثيراً من المعلومات التاريخية حولها، تتعلق بمصدر الرمال وطريقة انتقالها من منطقة إلى أخرى. فالصخور والمعادن وغيرها، قبل أن تتحوَّل إلى رملٍ، تنتقل بفعل الأمطار والسيول لآلاف الكيلومترات. أما الرمل الذي تذروه الرياح مسافات بعيدة، وتحمله المياه معها، فهو يتحاتّ ويصبح مستديراً أشبه بالكريات بفعل الدحرجة لفترات زمنية طويلة، ويحمل على صفحته آثار التآكل بفعل الريح والظروف المناخية؛ وهذه هي حال رمل الصحارى نتيجة هبوب الرياح العاتية في هذه البيئة.

اختلافه عن التراب
يتميز الرمل عن أنواع التراب وباقي المواد الطبيعية الأخرى بخاصيتين:
أ – حجم حبيباته، التي هي أصغر حجماً من الحَصى التي يزيد قطر حبتها عن 2 ملليمتر، وأخشن من الطمي، الذي يقل قطر حبيبتها عن 0.05 ملليمتر تقريباً.
ب – نظافته وقساوته النسبية مقارنة بباقي مكونات الأرض الصلبة المفتتة، خاصة أنواع التراب الأخرى، التي تحتوي على مواد عضوية حية، حيث تلتصق بها مكوناتٌ بكتيريولوجية.

مقاييس ومواصفات دولية
تصنف منظمة المقاييس الدولية ISO 14688 الرمل على الشكل التالي:

01 الناعم، وقطر حبيباته بين 0.063 – 0.2 ملم
02 المتوسط، وقطر حبيبته بين 0.2 – 0.63 ملم
03 الخشن، وقطر حبيبته بين 0.63 – 2.00 ملم

وهناك تصنيفات كثيرة غيرها، كالتصنيفات الأمريكية التي تقسم الرمل، حسب الحجم أيضاً إلى خمسة أصناف.

أصناف الرمل
ليس هناك تصنيفٌ علميٌ للرمل خارج مواصفات ومقاييس حجمه، ربما لأنه شديد التنوّع ويصعب إحصاؤه. لكن يمكننا تمييز أنواع بعضها عن البعض الآخر بناءً على اختلاف مصادرها وطبيعة مواقعها وأحوالها الجيولوجية وبعض تركيباتها ولونها:

  1. رمل السيليكا أو ثاني أوكسيد السيليكون SiO2 في البقاع القاريّة الداخلية والمناطق الساحليّة، وغالباً ما يكون مؤلفاً من الكوارتز، ويمتاز بحبيباته القاسية وحوافها الحــادة، حيث يستخدم في صنع الزجاج لنقاوته. كما يصنع منه ورق الزجاج لشحذ الخشب والمعـادن وتنظيفها. أما النوع الذي يحتوي على الكوارتز الصافي فيستخدم في صنع رقاقات السيليكـون شبه الموصلة للمعالجات الدقيقة.
  2. رمل الكلسيوم كاربونايت، ويعرف أيضاً باسم الرمل الجيري، ويتكوَّن في معظمه من الأراغونيت، وتشكل في غضون خمسمائة مليون سنة من أشكال منوّعة من الحياة البحرية، كالمرجان والمحار. فهو الشكل الأولي من الرمل الذي تكوَّن في المناطق العامرة بالشعاب المرجانية.
  3. رمل الرماد البركاني، وهو خليط من شظايا المعادن والصخور التي قُذفت خلال ثوران البراكين.
  4. الرمل الأسود، من جزر الكناري، يتكوَّن من تفتت الصخور السوداء.
  5. الرمل الأخضر، من إستونيا، ويكتسب لونه من معدن الغلوكونايت.
  6. الرمل الأحمر، وهو شائع في الصحارى العربية ويتضمن مقادير ضئيلة من أكاسيد الحديد.
  7. الرمل المعدني الثقيل، ويتضمن عديداً من أنواع المعادن الثقيلة مثل غارنت وماغنيتايت وزيركونيوم وغيرها.

تكوّن الرمل
يتكوّن الرمل بفعل عدة عوامل طبيعيةٍ، تفاعلت مع مكونات الأرض عبر عشرات ملايين السنين. أهم هذه العوامل هي الرياح والأمواج والأمطار والبراكين.

الرُّبع الخالي في الجزيرة العربية يُصنَّف على أنه أكبر صحراء رمليةٍ في العالم، إذ يعلو كثيب الرمل فيه إلى 200 مترٍ، ويصل ارتفاعه في بعض الأحيان إلى 300 مترٍ

الرياح
الرياح هي العنصر الأساسي في تكوين الرمل في الصحارى والشواطئ. والصحارى هي من أهم مصادر الرمل في العالم، فالرُّبع الخالي في الجزيرة العربية يصَّنف على أنه أكبر صحراء رمليةٍ في العالم، إذ يعلو كثيب الرمل فيه إلى 200 مترٍ، ويصل ارتفاعه في بعض الأحيان إلى 300 مترٍ. فمن أين يأتي الرمل، وكيف يتكوَّن كثباناً، وكيف يتحرَّك؟

أ – الرياح هي من طبيعة الصحراء اليومية نتيجة توفر أشعة الشمس، التي حين تضرب اليابسة تُسخِّن الهواء القريب من الأرض فيخف ثقله النسبي ويرتفع إلى أعلى. فيحل عندئذٍ مكانه الهواء الأبرد والأثقل، وهكذا تنشأ الرياح المستمرة.

ب – والمناطق الصحراوية هي جافةٌ في غالب الأحيان، ولا تحتوي على ما يسهل التصاق الصخور أو العناصر المعدنية بها كما يفعل الماء مع التراب ليكوِّن الوحل، ثم ليكتلَّ مع مرور الزمن إلى صخر. ولهذا السبب تتفتَّت الصخور، إذا وُجدت، مع الزمن الطويل، فتستطيع بعدها الريح بسهولة أن تحمل هذه الرواسب وَتحتَّها حتّاً ثم تذروها.

حين تشتد قوة الرياح، تصبح عامل حتٍّ بالشفط والكشط

ج – تحمل الريح حُبَيْبات الرمل هذه، على مقربة من صفحة الأرض، فتقفز هذه الحبيبات مسافةً قصيرةً قفزاً، فإذا سقطت بقوة، تتفتت إلى حبيباتٍ أصغر فأصغر، حتى تصبح ناعمة خفيفة، فتقوى الريح على حملها مسافة أكبر.

د – حين تشتد قوة الرياح، تصبح عامل حتٍّ بالشفط والكشط. فالشفط هو تفريغ بقعة من الأرض، بحمل حبيبات الرمل الناعمة مع الريح. ويؤدي الكشط إلى تنظيف منطقة ما من الحبيبات الصغيرة، فلا تبقى سوى الكبيرة. فيتحوَّل المكان إلى تجمُّع حصى، ويصبح مساحة مرصوفة.

ه – تبقى الحبيبات الصغيرة أحياناً كثيرة، مدة طويلة في الهواء، وتنتقل إلى مسافات بعيدة. وهكذا يتكون تموُّج الرمال. فحين تتكوّم الحبيبات الكبيرة، وتطير الحبيبات الصغيرة بعيداً، يتشكّل التموّج في خطوط متعامدة مع اتجاه الريح.

الأمطار والسيول
تدفع الأمطار والسيول الصخور وغيرها إلى الأماكن المنخفضة كالسواقي والجداول والأنهار، فينتج عن ذلك تحرك الصخور إلى مسافات بعيدة، تصل أحياناً إلى آلاف الكيلومترات عبر مئات وآلاف السنين، حتى تصل إلى المحيطات والبحار. وهذه الحركة تجعلها تتحطم عند ارتطام بعضها بالبعض الآخر أو عند سقوطها في منحدرات مرتفعة، فتتفتت إلى جزيئات أصغر فأصغر طوال الوقت.
وكلما صغرت هذه الجزيئات وخف وزنها، تصبح عُرضة لأن تقذفها المياه لتعلق الحبيبات الصغيرة على جوانب الجداول والأنهار على شكل الرمل الذي نعرفه.
وعندما تتوقف الأمطار وتجف الأرض، تحمل الريح العاتية ما صغر وخف وزنه من هذه الحبيبات، وتذروه في كافة أنحاء الأرض لمسافات بعيدة.

تعلق الحبيبات الصغيرة على جوانب الجداول والأنهار على شكل الرمل الذي نعرفه

الأمواج
عندما تخوض العواصف والرياح في المحيطات والبحار، ينتج عن ذلك تشكّل الأمواج والتيارات وحركة المد والجزر، متجهة نحو الجرف القاري والمياه الضحلة قرب الشاطئ، حيث تتكسر مع الرغوة البيضاء. هذا ما نراه بالعين المجرَّدة. لكن في العمق يحدث التالي:

أ – بينما تتحرَّك الأمواج نحو الخط الساحلي، فإن قاع المحيط يغير اتجاهها وقوتها، لأن التلال والأخاديد والحواجز تؤثر على انتشار الأمواج، تماماً كما تؤثر الجبال والوديان على اليابسة بالرياح.

ب – إن الأمواج المتكسرة على الشاطئ والتيارات الناتجة عنها، تجعل الشواطئ ديناميكية ومتحركة باستمرار. وتتحرك معها ما تحمله من مواد مختلفة. وينتج عن هذه الحركة تماماً ما ينتج عن الأمطار والسيول في اليابسة، من تحطيم الأجسام الصلبة، سواء تلك التي حملتها الأمواج من قاع المحيط أو تلك التي تكون عند الشاطئ الذي يرتطم به الموج.

تاريخ استعماله
يعود استخدام الرمل إلى ما قبل التاريخ. وهناك أدلة أركيولوجية على أنه استُخدِم قبل الميلاد بنحو 6000 سنة، لشحذ وتلميع الحجارة لجعل أطرافها حادةً وصالحةً للقطع.
كما ظهرت أولى الخرزات المطلية بالزجاج، المصنوع من صَهرِ الرمال، في مصر ما بين 3000-3500 قبل الميلاد. وقبل ذلك بنحو ألف سنة كان الرمل قد دخل في صناعة طوب البناء في وادي السند أولاً. ومنذ ذلك الزمن وحتى يومنا هذا لم يغب الرمل يوماً عن صناعتي الزجاج والبناء.
غير أن الاستخدام الكثيف للرمل اتخذ منعطفاً حاداً مع انطلاق الثورة الصناعية في أواخر القرن الثامن عشر وتوسع المدن وبناء الطرقات، ومن ثم ظهور الخرسانة كمادة رئسية للبناء.
وازداد الطلب على الرمل في بداية القرن العشرين، وخلال الحربين العالميتين اللتين تطلبتا شق كثير من الطرق قبلهما وخلالهما، ثم إعادة الإعمار الواسعة التي تلتهما.

تركيز السيليكون في رمال بعض مناطق السعودية يصل إلى %99.9
فالرمال في المملكة تُعد من أجود الأنواع التي ترسبت خلال الزمن وهي تخلو من الشوائب التي تضر بالصناعات الدقيقة

تزايد استخدامه يهدِّد بنضوبه
تبين العوامل أدناه، لماذا أصبحت موارد الرمل محدودة، وما هي مخاطر ذلك على البيئة والإنسان والحيوان، وما هي البدائل الممكنة لذلك.

أ – يستخرج العالم كل سنة نحو 40 مليار طن متري من الرمل، وهذه الكمية هي أكبر 9 مرات من كمية البترول المستخرج سنوياً.

ب – توسع الصناعات التي يدخل فيها الرمل وتعددها من أسفلت الطرق إلى معاجين الأسنان، وظهور صناعات جديدة تتطلب كميات هائلة من الرمال، مثل التصديع المائي (Fracking) لاستخراج البترول الصخري. فكل موقع تصديع يحتاج 1800 طن من الرمل يومياً.

قطاع البناء
أ – المستهلك الأول للرمل هو قطاع البناء. وهذا القطاع، كما هو معلوم، في نمو عالمي متواصل يواكب النمو السكاني وتوسع المدن والطرقات. لكن %5 فقط من رمال العالم تصلح لتلبية هذا الطلب، إذ إن الرمل الصحراوي كروي الشكل، لا يلتصق جيداً مع الإسمنت.

ب – إن ثلثي أعمال البناء في العالم هي من الخرسانة، وثلثا الخرسانة من الرمل.

ج – يتطلَّب بيت العائلة المتوسط 200 طن من الرمل؛ والمستشفى المتوسطة 3000 طن؛ وميل واحد من الطرقات 45000 طن.

د – ازداد الطلب على الرمل خلال السنوات الثلاثين الماضية بنسبة وصلت إلى %360، والجدول التالي يوضح أهم الدول المستخدمة للإسمنت الذي يعني بالضرورة استخدام ضعفيه من الرمل خلال هذه الفترة:


وتبين بعض الإحصاءات أن الصين استخدمت كمية إسمنت خلال سنتين ونيف، مقدار ما استخدمته الولايات المتحدة الأمريكية خلال 100 سنة ماضية.

الجزر الاصطناعية
أنشئ عدد من الجزر الاصطناعية في العالم لأن الرمل أرخص بكثير من الأرض:

أ – هناك 300 جزيرة اصطناعية حول العالم تطلب إنشاؤها 500 مليون طن من الرمل.

ب – تطلَّبت رمال الجزر الاصطناعية 20 مليون شاحنة لنقلها؛ إذا اصطفت جنب بعضها تلف خط الاستواء 5 مرات.

ج – أكبر هذه الإنشاءات توجد في سنغافورة؛ إذ يقدر أن نحو خمس مساحة البلاد هو اصطناعي.

يبيِّن هذا الرسم البياني استخدام بعض الدول للرمل، بمليارات الأطنان، في سنة 2004 وارتفاعه الكبير في سنة 2016. وتأتي الصين في طليعة المستهلكين

السدود
يوجد في العالم نحو 845000 سد مياه. وهذه السدود التي تحتجز المياه الجارية وتركدها، فيترسب ما فيها من رمال خلف السدود، كما أنها تخفض الكميات المتدفقة منها، مما يقلل من عوامل التفتيت ويحرم المقرات التقليدية للرمال من أن تُرفد بمزيد منها.

وبالإضافة إلى الأرقام الرسمية أعلاه، هناك كثير من المافيات العالمية التي تستخرج الرمل من دون أن تسجل أرقامها. ويقدّر أن هناك 75000 ألف شخص يعملون معها بالخفاء.

جزء من مدينة موهينجودارو القديمة، في إقليم السند الباكستاني حيث كان الرمل قد دخل في صناعة طوب البناء لأول مرة في التاريخ

الأضرار البيئية لاستخراجه
لاستخراج الرمال تبعات بيئية عديدة، تكشفت منذ نشوء الوعي البيئي. وتختلف هذه التبعات وخطورتها باختلاف مواقع الاستخراج. ومن النتائج السلبية التي باتت مرئية وملموسة في أماكن عديدة من العالم، يمكننا أن نذكر:

أ – إن 75 إلى %90 من شواطئ العالم تتدهور بسبب استخراج الرمل منها، استناداً إلى منظمة السلام الأخضر “غرين بيس”.

ب – في إندونيسيا وحدها، اختفت 24 جزيرة طبيعية بفعل استخراج الرمال منها، مما سهل على أمواج المحيط غمرها بالكامل.

ج – يقدر العلماء أنه بحلول سنة 2100 فإن شواطئ المالديف ستختفي، بفعل ارتفاع مستوى سطح البحر الذي سيجرف الشواطئ الرملية الحامية لهذه الجزر.
د – إن 9 من 10 شواطئ في ولاية فلوريدا في الولايات المتحدة الأمريكية تتقهقر. والمعروف أن نصف الإنتاج القومي للولاية هو من السياحة على هذه الشواطئ. الظاهرة نفسها باتت ملموسة بشكل واضح وكبير في شاطئ دلتا النيل، حيث توقف رفد هذا الشاطئ بالرمال بفعل بناء السد العالي، الأمر الذي أدى إلى تآكل اليابسة أمام تقدُّم مياه البحر.

يعود استخدام الرمل إلى ما قبل التاريخ.
هناك أدلة أركيولوجية على أنه استُخدِم في سنة 6000 قبل الميلاد لشحذ وتلميع الحجارة لجعل أطرافها حادةً وصالحةً للقطع

ه – بسبب خسارة الحواجز الرملية الطبيعية ازداد تسرب المياه المالحة إلى الأراضي الزراعية مما أدَى إلى تدهور خصوبتها حول العالم.

و – إن استخراج الرمال من ضفاف الأنهار يضعف أساسات البنية التحتية القريبة. وقد انهارت بالفعل عدة جسور في البرتغال والهند وتايوان وغيرها، بعدما خسرت أساساتها حماية الرمال لها.

ز – يؤدي استخراج الرمل إلى تدهور النظم البيئية الساحلية، ويزيد الرواسب العالقة وتعرية الشواطئ.

ح – يؤثر استخراج الرمال سلباً على بيئة وحياة الحيوانات البحرية، كالأسماك والدلافين والرخويات والتماسيح، التي تشكِّل الرمال جزءاً من مواطِنها الطبيعية.

ط – التأثير سلباً على حياة البشر، فالشواطئ والأراضي الرطبة تحمي المجتمعات الساحلية. ولكن ارتفاع معدلات التعرية يجعل هذه المجتمعات أكثر عرضةً للفيضانات والعواصف. وفي تقرير جديد صادر عن إحدى منظمات السلامة المائية، فإن استخراج الرمل فاقم آثار تسونامي المحيط الهندي الذي ضرب سريلانكا في عام 2004م.
ي – أدى استخراج الرمل في دلتا نهر ميكونغ، في فيتنام، إلى اختفاء الرواسب التي تغذي التربة وازداد تسرب المياه المالحة إليها، خاصة خلال المواسم الجافة على نحو يخلق متاعب جمة للأمن الغذائي للمجتمعات المحلية.

بدائل الرمل الطبيعي
هذه الآثار السلبية لاستخراج الرمل أدت في دول كثيرة إلى تزايد القوانين تشدداً في منح التراخيص اللازمة لاستخراجه والاتجار به. الأمر الذي دفع بقطاع البناء والصناعيين إلى البحث عن بدائل للرمل الطبيعي. ومن أبرز هذه البدائل في الوقت الحاضر:

أ – إعادة تدوير الخرسانة واستعمالها من جديد. وهذه تستعمل حالياً في قواعد الطرق الأولية.

ب – إعادة تدوير الزجاج واستعماله كرمل، وهو بنفس قوة الرمل الطبيعي، ويوفر %14 من مجمل الكلفة، ويخفف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون %18. وعندما تُطحَن النفايات الزجاجية ينتج عن ذلك:

  • – الحبيبات الكبيرة التي يعاد استخدامها كرملٍ في الخرسانة.
  • – الحبيبات الصغيرة التي يعاد تدويرها في صناعة الزجاج من جديد.

ج – تعتبر صناعة الطين المدكوك من التقنيات الحديثة الواعدة، إذ تعتمد بشكل أساسي على الطين الصلصالي والحصى والقليل فقط من الرمل.

الرمل المصنَّع
الرمل المصنَّع هو الرمل الناتج عن تكسير الصخور، أو أحجار المقالع، وأي خليطٍ صلبٍ آخر، إلى جسيماتٍ بحجم حبيبات الرمل الطبيعية. وهي صناعةٌ حديثةٌ ظهرت نتيجة العوامل التالية:

أ – الوعي المتزايد حول نضوب الرمال.

التصديع المائي لاستخراج البترول الصخري يحتاج 1800 طن من الرمل يومياً لكل موقع تصديع

ب – التشريعات التي تحول دون أضرار الاستنزاف المتواصل للمصادر الطبيعية.

ج – تكلفة النقل المتصاعدة نتيجة تحول الرمل إلى سلعة عالمية، وبُعْد مواقع استخراجه من مواقع استخدامه.

د – تزايد وجود الطمي والطين في الرمل الطبيعي الذي يفسد الخرسانة.

ه – تُعدُّ عملية التصنيع بذاتها عملاً تنظيفياً للمقالع والكسارات من الطُحل الناتج عن تكسير الصخور.

إن 75 إلى %90 من شواطئ العالم تتدهور بسبب استخراج الرمل منها، استناداً إلى منظمة “غرين بيس”

وتنطوي عملية التصنيع على:
أ – سلسلةٍ من دورات التكسير، بواسطة كساراتٍ خاصة، للوصول إلى الحجم المطلوب.

ب – غربلة الرمال المنتجة بمناخل ذات مقاييس مختلفة.

ج – غسل الرمال لإزالة ما قد يكون قد علق بها من غبار وبعض الشوائب الأخرى.

د – اختبارها للتثبت من جودتها قبل اعتبارها مناسبة للبناء.

مزايا الرمل المصنَّع
أ – أكثر فعالية من حيث التكلفة (مقارنة التكلفة بالفائدة)، حيث يمكن إنتاج الرمل المصنع قريباً من مواقع الإنشاءات الكبيرة.

ب – أكثر توافقاً مع المعايير الدولية الجديدة بوجود شوائب أقل ونوعية أفضل.

ج – أضرارٌ بيئيةٌ أقل.

الرمل في المملكة العربية السعودية

تقول مصادر علمية إن تركيز السيليكون في رمال بعض مناطق المملكة يصل إلى %99.9. فالرمال في المملكة تُعد من أجود الأنواع التي ترسبت خلال الزمن، وهي تخلو من الشوائب التي تضر بالصناعات الدقيقة، مثل صناعة رقاقات السيليكون للأجهزة الإلكترونية.

وتشير المعلومات إلى أن أكثر من 10 آلاف مليون طن من الرمل الأبيض في السعودية، يحتوي على عنصر السيليكون.

وتبيِّن معلومات وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في المملكة، أن هناك نتائج سلبيةً تترتب على استخراج الرمل. منها أنه يقلّص الغطاء النباتي الذي تكوّن منذ آلاف السنين، ويقضي على البيئة الطبيعية لبعض أنواع الحياة الفطرية، ويؤدي إلى زيـادة التصحر وارتفاع مستوى انتشار الغبار الذي يؤثر على الصحة العامة.
ونتيجة ذلك، حظرت المملكة تصدير الرمل والحصى خارج المملكة.

 

 

 

 

 

 

 


مقالات ذات صلة

ظهر مفهوم ريادة الأعمال الخضراء حديثاً، نتيجة لنمط الإنتاج والاستهلاك وطريقة الحياة التي فرضتها الثورات الصناعية المتعاقبة، التي أدَّت إلى تغيُّراتٍ جذرية على العصر الذي نعيش فيه، لم تكن موجودة عند انطلاق الثورة الصناعية وريادة الأعمال التقليدية، تمثَّلت في تغيُّر مناخي خطير يهدِّد الحياة على الكرة الأرضية، واستنفاد لمواردها الطبيعة، وغير ذلك من الآثار السلبية.وقد […]

لصناعة السفر والسياحة أهميّة هائلة في الازدهار الاقتصادي والاجتماعي، فهي تنشئ فرص عمل، وتوفِّر وظيفة فريدة للمرأة وللأقليّات والشبان أيضاً، وهي عنصر أساسي في إجمالي الناتج المحلي، تعتمد عليه الدول. كما تواصل السياحة تَصَدُّر توقعات النماء العالمي على المدى الطويل، مع دخل كبير يبلغ 1.5 بليون دولار من السياح الدوليّين في 2019م. وكان قطاع السفر […]

يُشير الذكاء الاصطناعي إلى تقنيات تُحاكي ذكاء الدماغ البشري، وأي آلة تقوم بوظائف عقل الإنسان. وظهر المصطلح في عام 1956م، ثم تبعه مصطلح “تعلم آلة” بعده بثلاث سنوات. ولأهميته، فمن المتوقع أن يتضاعف الإنفاق العالمي على تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث سينمو من 50.1 بليون دولار في 2020م إلى أكثر من 110 بلايين دولار في 2024م. […]


2 تعليقات على “الرمل”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *