مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
مايو - يونيو | 2025

التلفاز.. ورمضان


تتنوَّع اهتمامات المتابعين لما يُعرض على شاشة التلفاز في شهر رمضان، بين مَن يحب البرامج الحوارية، أو الثقافية، ومَن تستهويه المسابقات، أو مَن يحب متابعة المسلسلات الدرامية والكوميدية، وبين مَن لا يفضّل مشاهدة التلفاز خلال هذا الشهر.
حول العادات الرمضانية، وفرص تجمع العائلة، وتباين الآراء حول الاجتماع على مشاهدة التلفاز خلال هذا الموسم، توجهنا إلى عدد من قرَّاء “القافلة” حول تفضيلاتهم، وهل هم من محبي مشاهدة البرامج أو المسلسلات التلفزيونية في شهر رمضان، وما نوعية البرامج التي يحبون مشاهدتها، وإذا كانوا من المتابعين فما هو رأيهم في نوعية البرامج والدراما ومستواهما في هذا الموسم. 

كوميديا خفيفة

مروان البخيت
مُنتج ومصوّر

تميزت البرامج والمسلسلات الرمضانية هذا العام بتنوعها الكبير، حيث جمعت بين الدراما الاجتماعية، والكوميديا الخفيفة، والبرامج المتنوعة، وهو ما لبَّى اهتمامات المشاهدين. تميزت أيام رمضان على مر السنوات ببرامج تلفزيونية لا تزال ذكراها محفورة في أذهاننا منذ الصغر، مثل: “برنامج حروف”، و”سباق المشاهدين”، و”طاش ما طاش”، وكانت بمنزلة تأريخ للمواسم الرمضانية.

أجد شخصيًّا أن رمضان يمثّل موسمًا مكدّسًا بكثير من الأعمال التلفزيونية، منها ما هو مميّز وقوي، ومنها الركيك الذي يفتقر إلى القصة أو السيناريو والإخراج الجيّد.

هذا العام كانت المسلسلات السعودية هي الأقوى بين المسلسلات الخليجية والعربية، من وجهة نظري، ولا سيَّما مسلسل “شارع الأعشى” الذي أثبت قوة الدراما السعودية في تحويل الروايات المكتوبة إلى أعمال تلفزيونية مشاهدة، وذات حبكة جاذبة ومشوّقة، تجمع أفراد العائلة على مشاهدتها ومناقشة ما يدور فيها، وتوقعاتهم للأحداث القادمة، وهذا يعني نجاح تلك المسلسلات في الظفر باهتمام المشاهدين وجذبهم. وقد شاهدت مجموعة من هذه المسلسلات الجيّدة، منها ما نجح في تقديم مجموعة من الممثلات والممثلين الجدد على الساحة الفنية، الذين أثبتوا جدارتهم وتميّزهم، وكان لأدوارهم أصداء بين جمهور المشاهدين

وقد تصدّرت البرامج الفكاهية الخفيفة التي لامست المجتمع، مثل “جاك العلم” و”يوميات رجل عانس”، حيث كانت بمنزلة برامج خفيفة الظل خلال أوقات اجتماع العائلة. كذلك البرامج الحوارية، كان لها أصداء رائعة، أعتقد أن من أبرزها برنامج “الليوان” مع الإعلامي عبدالله المديفر.

رمضان.. موسم لاكتشاف الإبداع 

نورا عمر
مخرجة أفلام 

شهر رمضان يعدُّ من أكثر المواسم استقطابًا للمشاهدين واجتماعهم أمام التلفاز لمتابعة المسلسلات والبرامج المتنوعة، فأرى أنه يعدُّ موسمًا بصريًّا قويًّا جدًا، حيث لا يكاد يخلو منزل من المشاهدين، على اختلاف ما يشاهدونه. 

على المستوى الشخصي، أعدُّ رمضان من أفضل شهور العام من حيث اكتشاف الإبداعات في الأعمال التلفزيونية، ومشاهدة المزيد من الأشياء المُثرية. أحب مشاهده المسابقات التي تبث روح المنافسة بين المشاركين، لكن ما يستهويني بشكل أكبر هو مشاهدة المسلسلات بنوعيها: الدرامي والكوميدي؛ لمعايشة القصص المذكورة من خلالها، ولإعطاء شيء من الترويح عن النفس من جهة أخرى. 

أرى أن الموسم الرمضاني الأخير كان جيدًا إلى حدٍّ كبير، شاهدنا من خلاله عديدًا من الأعمال التي لاقت أصداءً واسعة منذ أيام عرضها الأولى، وأرى أن الدراما السعودية أصبحت تنافس عالميًّا من حيث عدد المشاهدات. كنت مزهوّة بقراءة انطباعات المتابعين عن المسلسلات السعودية لهذا العام، وأرى أننا أصبحنا أمام مواجهة تحدٍّ في تقديم محتوى أفضل في كل عام، لمتابعة ما وصلنا إليه من نجاح في هذا الموسم. 

تطوّر التقنيات، والعمل على معدات احترافية، وعقد ورش متخصّصة لتطوير النصوص، والحرص على اختيار الوجوه الجديدة والمبدعة، أرى أن جميع هذه العوامل قد أسهمت في إخراج الأعمال التلفزيونية لهذا العام بالمستوى العالي الذي شاهدناه، حيث ارتفعت المعايير بموازاة ارتفاع وعي الجمهور وذائقته، وأصبح لديه خبرة أكبر في انتقاء ما يشاهد؛ لذلك، فإن مهمة إنتاج عمل احترافي بكل المقاييس أصبحت ضرورية جدًا في وقتنا الراهن. 

مسلسلات رمضان.. مَن يسابق مَن؟

أفنان باويّان

مشرفة نص سينمائي ومخرجة أنيميشن

في السنوات الخمس الماضية تغيَّر أسلوب متابعة العائلة السعودية للميديا بعد انحسار استخدام التلفاز، وانتشار منصات العرض الإلكترونية، فهل انعكس تأثير هذه المنصّات على الموسم الرمضاني؟ في الجمعات العائلية الكبيرة تسنح لي فرصة دراسة المشهد العام لمتابعة المسلسلات. في هذا العام كان النصيب الأكبر من الحديث في عائلتي عن مسلسلي “شارع الأعشى” و”إش إش”.

اعتدت قديمًا مع عائلتي أن نشاهد التلفاز خلال رمضان، وكان “طاش ما طاش” هو المسلسل الذي نلتف حول مائدة الطعام من أجله. فحاولت أن أقيس المشهد المماثل اليوم مع ذلك المشهد من خلال مراقبة عائلة أختي الكبرى، فهم يشاهدون يوميًا مسلسل “شارع الأعشى” من خلال المنصة، بعد أن تفرغ أختي من صلاة التراويح؛ إذ تذكّر بناتها بموعد نزول الحلقة الجديدة. أمَّا عن المسلسلات الأخرى، فكانت تشاهد مسلسل “إش إش” و”يوميات رجل عانس” مع زوجها ومن اختياره هو، بعد أن تخلد بناتها للنوم.

أمَّا عنّي شخصيًّا، وبسبب انشغالي في النصف الأول من رمضان بتصوير فيلم، فكنت أشاهد حلقة كل يوم من مسلسل “أشغال شقة جدًا” قبل ساعة من ذهابي إلى موقع التصوير، وهذه الساعة هي الساعة الوحيدة التي كانت متاحة لي من يوم تصوير طوله 12 ساعة عمل. أمَّا في النصف الثاني من رمضان، فشاهدت المسلسل المنتظر “لام شمسية” من كتابة الأستاذة مريم نعوم، وفي رأيي أنه مسلسل عظيم يجتاز الأزمان، وقيمته الفنية ستبقى مستمرة، وبكتابة متقنة، وإخراج زاد النص عمقًا، وتجسيد لمشاهد ذات طبقات معقدة من المشاعر الإنسانية. وبالفعل عندما سئل صنَّاع العمل عن سباق المسلسلات الرمضاني، أجابوا بأنهم كانوا يهدفون إلى صناعة عمل لا يسابقه الزمن، وتستمر قيمته، بل تزيد، مع مرور الوقت.


مقالات ذات صلة

قبل عشرين عامًا، وقبل أن أبدأ مشاركاتي في مجلة القافلة، كنت قارئًا شغوفًا بها. لا أتذكر، على وجه التحديد، بداية علاقتي بالمجلة، وهذا في حدِّ ذاته دليل على عراقتها وتغلغلها في الوعي الجمعي لجيلٍ بأكمله.

الارتباط بين كلمتي “صحافة” و “مصداقية” هو ارتباط أزلي وقديم بقِدم الصحافة نفسها، ويمكن القول إنه لا توجد كلمة أكثر ترددًا والتصاقًا بكلمة “صحافة” من هذه الكلمة، وذلك لدرجة نوشك معها أن نقول إنه لا صحافة حقيقية من دون مصداقية. ولو قُدِّر لأي وسيلة إعلام أن تختار لنفسها صفةً وسِمةً تُعْرَف بها، لما اختارت غير صفة المصداقية. 

وُلِد في لندن لأبوين روسيين هاجرا إلى فرنسا واستقرا في إنجلترا، فهو نموذج لتداخل الهويات، بالمولد. وفي حياته المسرحية لم يصبح ظاهرة فنية فريدة، إلا من خلال تهجين مسرحه بالأشكال الثقافية الشرقية والأمريكية والإفريقية.


0 تعليقات على “التلفاز.. ورمضان”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *