مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
2024

شعر

إلى آخره يمضي الليل


طاهر رياض

1-

( أمٌ له أكَلتْه .. )

المعري

حطبًا باتت أشجاري،

نسيَتْ لما كانت فَيئا

وصراخي جابَ الأجواءَ،

ولم يرجعْ منه صدىً

أو يصبحْ ملموسًا شيئا

لكني لا أرتعدُ

بل أعِدُ الأرضَ الْولدَتني

أني حين أُقَدَمُ بين يديها في كفنٍ

… لن تأكلني نَيئا

2-

وعلّمتُه الشعرَ

هذا الهواءُ الذي يتنفسني،

ثم علّمته الاختناقْ

مجازفةٌ أن أحسَّ،

فللحسّ ذاكرةٌ تعترينا جزافًا،

ونمسكها.. فتفرُّ

نعضُّ عليها.. تذوبُ

نجاري تلاشيها بتلاشي يدينا

على وجهها،

فتروغ وتسبقنا في المجاز:

فراتٌ ودجلةُ

لا يعبران العراقْ

ثقيلًا يحطّ على قلبيَ الشعرُ،

حين أحاول أكتب ما لا يُقالُ

أحس بململة الكلماتِ التي

لا تُطاقْ

3-

أبكي أحيانًا

لأحسّ بلسع الملح على خَدّي

وأفَلّي الحَورةَ، أحيانًا، لأرى

كم فيها من ظلّ الشمس،

وكم مَصّت من أشواك الوردِ

أحسبني، أحيانًا، حبة رملٍ

سئِمتها الصحراءْ

فهامت ناشفةً

تبحث عن حبة رملٍ تشبهها

.. قرب الماءْ

يخذلني أحيانًا صوتي

فيبوح بصمتي،

مثل امرأة تتحسّس مرآةً

فتباغتها نَفرةُ نَهدِ

أبكي أحيانًا

كي يمضي الليل إلى آخره،

برداءٍ مهترئٍ وقلنسوة عوجاءَ،

على كتفيه سلالٌ من قشٍ

يرقص فيها عشاقٌ ضجرون،

وأطفالٌ ممسوسون يشدّون الفجر

ليغفو فوق وسائدهم،

ونساءٌ يتعرين لكي لا يبقين وحيداتٍ،

ودنانٌ من خمر تُهرَقُ في الساحاتِ..

إلى آخره يمضي الليل ُ

.. وأبقى وحدي

4-

أن تحلمَ يعني أن يتولاك الأرقُ

ألأن أماسيك استبقتْ كل نهاراتك

تشكو من شجر ضاق

إلى أن هجرَته الأغصانُ،

ومثل “عصافير بلا أجنحة” طار الورقُ؟

هل سميتَ الأحجارَ وساداتٍ

وزعيقَ نُسورٍ سَداداتٍ للأذن

ونفحةَ عطرٍ لونًا قزحيًا مُرَا؟

هل نفّضتَ ثيابك من أعلاق الريح،

وغلّقتَ عليك نوافذك الخمسين

لكي لا يغويك الأفُقُ؟

يا خاسرُ،

مَن في ظنك يربح هذي القصةَ

خَطوُك في الوعثاء.. أم الوعثاءُ؟

وكيف ستنجو إن غرقتْ سفنٌ

والركابُ جميعًا غرقوا؟

والمتنبي كيف سيفلتُ

من ريح يحملها القلقُ؟

يا خاسر

ما مَن نارٍ،

ثمـة شيءٌ يحترقُ


مقالات ذات صلة

ينعكس التجريد على حياة الفنانة بلقيس فخرو وسلوكياتها. فهي لا ترسم الأشياء، وإنما ذاكرتها. وفي محترفها، تشير إلى نفسها قائلة: “أحب البساطة في الأشياء؛ ملبسي، محترفي، سلوكي، منزلي… إني أجد المعنى فيها”. فالبساطة تقابل، بمعنى ما، التجريد الذي تنتهجه في تخليق لوحاتها، بما فيها من سكون وطمأنينة تتعدى المعاني التي انطلقت منها في إبداعها، إلى […]

يعبِّر فيلم استفتاح العام “بين الرمال” (2024م) للمخرج محمد العطاوي، عن إحدى الصيغ التمثيلية السينمائية السعودية المقترحة في القصة والتمثيل والزمان والمكان، بعيدًا عن محاولات استنساخ أساليب واتجاهات وطرق عربية وأوروبية وأمريكية.يقوم هذا الفيلم على سردية “مخاوي الذيب”، وهي سردية مكررة في التراث المعنوي والمادي في ثقافة شبه الجزيرة العربية، مبنية على موضوع علاقة الإنسان […]

١- يمشي شجرٌ للماء يستسقي من النهر حكـاياه ويبكي مثلما يستشهد الأطفال بالماء وأخطاء العطش كلَّما مات الورق في غصون الشجر العطشان متنا وتنادينا جناحان بلا ريش وريح تُسعف الطير من الموت وأسماء الشجر هل تناوبنا قُبيل الموت؟ آخينا ضمير النهر أجّلنا الحكايات عن السرد وأمضينا بقايا عمرنا الباقي بغرب الشارع العاري تفادينا قتال الموت […]


0 تعليقات على “إلى آخره يمضي الليل”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *