مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
مارس - أبريل | 2019

أول أداة تقيس علاقة الأطفال بالطبيعة


يمكن للمدن أن تكون مكاناً رائعاً لتربية الأطفال، ولكن عندما يتعلَّق الأمر بتواصل الأطفال مع الطبيعة، فإنها تشكِّل تحديات كبرى. وحتى عندما تحتوي المدن على عدد كبير من المتنزهات والمساحات الخضراء، قد يكون من الصعب على العائلات الوصول إليها. كما أن وجود لافتات تقول “ابقِ بعيداً عن العُشب” أو عندما يفترض الوالدان أن مساحة ما من الحديقة قذرة أو خطرة، يعيق تواصل الأطفال مع الطبيعة بحرية كاملة.
ولهذه العوائق التي تقف أمام لعب الأطفال في الطبيعة عواقب سيئة على الأطفال، فقد يطور هؤلاء ما بدأ يُعرف بـ “اضطراب نقص الطبيعة” أو “انفصال الأطفال عن الطبيعة”. مما يعني أنه إذا لم يتم تعزيز علاقة الأطفال بالطبيعة في سن مبكرة، فسوف تتأثر صحتهم النفسية والجسدية بشكل سلبي ودائم.
في محاولة لقياس مدى وكيفية علاقة الأطفال بالطبيعة في هونغ كونغ، وهي واحدة من أكثر المناطق الحضرية كثافة في العالم، ومن أجل السعي لتطوير أداة يمكنها قياس هذه العلاقة باستمرار، وضعت الدكتورة تانيا سوبكو من كلية العلوم البيولوجية في جامعة هونغ كونغ والبروفيسور غافن براون من جامعة أوكلاند استبياناً مكوناً من 16 جزءاً يدعى CNI-PPC الذي يرمز إلى Connected to Nature Index – Parents
of Preschool Children، أي مؤشر الترابط مع الطبيعة – لآباء أطفـال الحضانة، يحدِّد الطرق الأربع التي عــادة ما يطـور بها الأطفـال علاقتهم مع الطبيعة:
(1) يصبحون مدركين لها.
(2) يتمتعون بها.
(3) يشعرون بالتعاطف معها.
(4) يشعرون بالمسؤولية تجاهها.

وشاركت في الدراسة 499 عائلة، لديها أطفال تتراوح أعمارهم بين 2 و5 سنوات. وقد أجاب الأهل على 16 سؤالاً، ومن ثم تم قياس إجاباتهم بالمقارنة مع “استبيان القوة والصعوبات” أو SDQ، أي Strengths and Difficulties Questionnaire، وهو مقياس ثابت لقياس صحة الأطفال النفسية. وكانت النتائج مثيرة للاهتمام. “فبالنسبة للآباء الذين أكدوا أن لدى أبنائهم علاقة وثيقة مع الطبيعة كان أطفالهم أقل اضطراباً ولا يعانون من أي نوع من النشاط المفرط ولا يواجهون أي صعوبات سلوكية أو عاطفية، بل كان سلوكهم سليماً ومسؤولاً بالنسبة للمجتمع من حولهم. ومن المثير للاهتمام أن الأطفال الذين كانوا يتحملون مسؤولية أكبر تجاه الطبيعة لم يكن لديهم أي مشكلات مع نظرائهم”.
ويُعدُّ مقياس الـ CNI-PPC الأداة الأولى لقيـاس علاقة الأطفال بالطبيعة وقد تم اعتماده من قبل جامعات أخرى لتطبيقه بشكل أكبر وفي مجالات أشمل، خاصة وأن من الممكن الاستفادة منه كأداة فعالة لتقييم التغيرات في سياسات التنظيــم المدني والتدخلات المصممة لتعزيز التفاعلات بين الأطفال والطبيعة.


مقالات ذات صلة

على الرغم من وجود العديد من التساؤلات حول مستقبل الكتب المادية، فقد أطلقت الفنانة الإسكتلندية المفاهيمية “كاتي باترسون” في عام 2014م فكرة إنشاء “مكتبة المستقبل” كمشروع فني تطلعي يجمع بين كونه كبسولة زمنية أدبية ومشروعًا بيئيًا. كرّست “باترسون” جلّ اهتمامها بما ستتركه البشرية للأجيال القادمة؛ لذلك ابتكرت فكرة إنشاء هذه المكتبة في مدينة أوسلو النرويجية. […]

استطاعت الدول الناطقة باللغة الألمانية (ألمانيا، والنمسا، وسويسرا) أن تخلق نموذجاً في النهضة والتفوّق بالاعتماد على الأيدي العاملة المؤهلة مهنياً، وقد حقَّق هذا النموذج نجاحاً باهراً على مستوى العالم، فيما تسعى دول كثيرة داخل أوروبا وخارجها للاستفادة منه، ففي هذا البلد المزدهر اقتصادياً، يُعدُّ التدريب المهنيّ سرّاً من أسرار نجاحه، بل وربما ريادته عالمياً، فبفضله […]

من المؤكد أن للعلوم والتكنولوجيا تأثيراً عميقاً على المجتمع، لكن العكس صحيحٌ أيضاً، بحيث يشكِّل المجتمع، بصورة كبيرة، الطرق التي تتطوَّر بها العلوم والتكنولوجيا. ومع ذلك، تُظهر التجربة أنه لا يمكن دائماً للعلماء، من ناحية، وعامة الناس والحكومات والشركات، من ناحية أخرى، فهم بعضهم بعضاً بوضوح، لهذا السبب كان لا بدَّ من وجود خبراء ذوي […]


0 تعليقات على “أول أداة تقيس علاقة الأطفال بالطبيعة”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *