بداية كلام

كيف الحال مع فيسبوك؟

abdalah lmohsenحوّلني إلى كائنين: واقعي وافتراضي
عبدالله المحسن / شاعر من السعودية
لا يمكنني أن أحدِّد ما إذا كانت سلبيات فيسبوك أكثر من إيجابياته أو العكس، لأن المشارك في هذا العالم الافتراضي يمكنه الوقوع على الإيجابيات والسلبيات معاً. فقد يكون الإدمان على الحضور أو الإطلال على الآخرين داخل العالم الافتراضي هو حالة سلبية بعينها، لأنها تسبب الخروج من الحياة الواقعية. لكن في الوقت عينه، فإن هذا العالم الافتراضي يؤمِّن مساحة واسعة للتعبير عن الرأي والتواصل مع الآخرين، الذين تتلاشى المسافة التي تفصلنا عنهم ليضحوا كأنهم بيننا. وفيسبوك يوجد عالماً خاصاً يتحكّم فيه المستخدم في إيجاد مساحته التي يحب، أو إيجاد مساحات مشتركة مع مستخدمين آخرين، ما يفتح المجال لتبادل الأفكار الإبداعية أو النقدية.
على المستوى الشخصي، استفدت من تشكيل مساحة إبداعية أعود إليها كلما أصابني الضجر من العالم الواقعي، أي الواقع خارج عالم فيسبوك الافتراضي. ويمكنني أن أزعم أنني وزّعت أوقاتي بين العالمين. فحين أضجر من أحدهما أعود إلى الآخر، وبهذه الطريقة حوّلني فيسبوك إلى كائنين: افتراضي وواقعي في الوقت عينه.

dara abdallahفيسبوك سيؤثر في أساليب الكتابة
دارا العبدالله / باحث من سوريا
فيما يخصني ككاتب وباحث، أسأل عن سلبيات وإيجابيات الفيسبوك السؤال التالي: هل سيؤثر الفيسبوك على أساليب الكتابة الحديثة؟ وإجابتي هي: بالتأكيد نعم. العدد القليل من الكلمات التي يجب أن يتكّون منها «الستاتوس الفيسبوكي» كي يبقى جاذباً للقرَّاء، يملي على الكاتب الاختصار والتكثيف والتلميح والتلغيز، وهذا هو أساس أسلوب أدبي حديث لم يأخذ حقّه في الكتابة العربية المعاصرة، ألا وهو «كتابة الشذرة». فمن الممكن أن يكون فيسبوك الباعث الأساسي لإحياء هذا النمط من الكتابة في الأدب العربي.
هذا من جهة، من جهة أخرى، أعتقد أن لفيسبوك سيئة أساسية تبينت في تعميم القراءة السطحية العامّة على حساب التحليل والتركيب وكشف الأعماق المتعددة، والالتصاق المباشرة مع الحدث يساعد على انتشار القراءة الأيديولوجية المسطحة، المباشرة، وهذه مشكلة من مشكلات فيسبوك، وهي أفضل طريقة للتشويش على الحقيقة.
shutterstock_220533037ومن ميّزات فيسبوك أيضاً كسر احتكار الصحافة لمنابر الرأي، فلا محرر ولا رقيب ولا أخطاء ولا فلترة، النص مباشرة من فم الكاتب إلى أذنِ القارئ، لا رتوش ولا إضافات ولا تجميل. وأعتقد أن هذا سينزل اللغة والأفكار وطرائق التفكير من مستوى المؤسسات والسلطات والهيئات إلى صلب المجتمع والناس العاديين والمهمشين.
فيسبوك هو صوت التحت والمهمش والضئيل في مواجهة الفوق والسلطة والمنظم.

noura alsafarفيسبوك تأويل للواقع بطرق مختلفة
نورا السفر / طبيبة من السعودية
حين أحاول تفسير علاقتي بفيسبوك أقول إنه مجرد شبكة تواصل تعكس ما نغذيها منّا أو من معلوماتنا وثقافاتنا وأخلاقياتنا، ومرات بما هو مفيد، كلقائي بصديقة الطفولة عبره، ومرات بشكل سلبي مثل فقداني لساعات كثيرة من يومي أمضيها أمام شاشة فيسبوك.
هناك من يمارس ضغطاً اجتماعياً وتوعوياً عن طريقه ويستخدمه لصالح أعمال معينة، وهناك من يجمع الأصدقاء كوسيلة لتعزيز شعبية وهمية، وهناك من يغلق صفحته لتكون خاصة للمقربين، وهناك من يستمتع بصفحات الآخرين دون مشاركة فعلية، وهناك من يلقي بأعماله ويومياته أمام الملأ ويكون محور الأحداث، وهناك العابث المنفتح والانطوائي المحافظ. هذا على مستوى الأفراد. وهناك المستوى الأكبر، مستوى حشد الشعبيات للأعمال الانتخابية، أو لقضايا معينة، وهناك من يستخدمه للتجسس على رواده أو أقربائه أو أصدقائه. لذا لا يمكن الحسم بسلبيات الفيسبوك أو إيجابياته، فهو يحمل الوجهين، وقد يطغى أحدهما على الآخر في لحظات، وقد تكون هذه من ميزات الحياة الواقعية أيضاً وليس الافتراضية فقط.

rana najjarأشعر أني مدمنة فيسبوكية
رنا نجار / محررة صحافية من لبنان
في العام 2007 تعرّفت إلى فيسبوك وكان مبهماً بالنسبة لي. لاحقاً صار موقع فيسبوك محطة لمتابعة النشاطات الثقافية والمشاريع التي يدعو إليها الأصدقاء، إضافة إلى ملاحقة المقالات في الصحف الأجنبية. ومع الربيع العربي، تحوّل فيسبوك إلى مصدر خبر يومي، ووسيلة إعلامية بديلة أصدق من الوسائل التقليدية. وسرعان ما أصبحت صفحتي محطّ تفريغ آرائي الغاضبة فيما يتعلق بالمجتمع اللبناني، ومحطّة أكبّ عليها همومي وعواطفي ومواقفي وأحزاني وأفراحي. لكني لم أتخيّل يوماً أن هذا الموقع الاجتماعي، سيؤسّس لعلاقات جديدة مع أصدقاء قدماء أو سيكشف نيَّات دفينة وأفكاراً سوداوية وسيئة 846لأصدقاء كنت أعرفهم منذ الطفولة. لقد خسرت صديقة جرَّاء موقف عبر فيسبوك. وفي أحيان، كان محطّ خلاف مع زوجي الذي لا يحب «نشر» حياتنا الخاصة على الإنترنت كما يقول. لذا حوّلته إلى صفحة أنشر فيها صور وليدتي وأخبار نموّها لعلّها تكون مواد توثيقية لحياتنا المقموعة.
اليوم أشعر برغبة جامحة بترك فيسبوك، حيث لم أعد أعبّر عما بداخلي، وبعدما صار إدماناً أفتحه كل ساعة تقريباً. أشعر أنه يضيّع وقتي ويستهلك طاقتي دون أي جدوى.

Ahmad Smailiاللايك بارومتر الفيسبوك
أحمد صميلي / موظف من السعودية
أصبح فيسبوك عالماً بحد ذاته، ودولة افتراضية لها جوازاتها ودستورها وشعبها، وكغيرها من الاختراعات الجديدة التي تدخل إلى حياتنا فتصبح جزءاً منها، ونعتادها حتى لا نتمكن من أن نعيش من دونها. وهذا كله سلاح ذو حدين، تماماً كأعواد الثقاب التي تمتلك وجهين، أحدهما يمتص العتمة وقسوة الظلام ويشعل النار ليطرد البرد، والوجه الآخر يحيل الغابة والجمال إلى رماد. أعتقد أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت المكان الثالث الذي يلجأ إليه الإنسان بعد مكانه الأول (البيت) والثاني (المدرسة أو العمل)، لقد أصبح واضحاً أن المكان الثالث أصبح مكاناً إلكترونياً بامتياز، وفي اعتقادي أن مواقع التواصل الاجتماعي استطاعت أن تمد جذورها إلى كل فرد من الأسرة العربية لتصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية.
من تجربتي الشخصية أعتبر فيسبوك من أفضل الشبكات الاجتماعية على الإنترنت فإيجابياته تطغى على سلبياته، ويختصر لي كثيراً من الوقت والجهد والتكلفة في معرفة حال الأصدقاء والأقارب، وحتى من أعجب بهم كالنجوم والمشاهير. ويتيح لي مشاركة الآخرين أفراحهم وأتراحهم، ويجعل من صفحتي غرفة حميمة تحمل صوري وذكرياتي وكثيراً من Facebook-likeالحديث الذي كُتب بأناملي، أحب أن ينظر إليها الناس وأن يقرأ الأصدقاء ما أكتبه. فهذا عالم يفتح لك الباب واسعاً لتعبّر عن نفسك وتخرج من قوقعة عوالم الواقع المجبولة بالضجر في عمومها. وهذا ما يحيلني إلى «اللايك»، إذ إنني بمجرد ما أن أضع صورة أو جملة على صفحتي أحصل مباشرة على تشجيع بـ «اللايك» التي يتركها الأصدقاء، بل وأعرف مَنْ منهم أعجب بها، وأحياناً أنتظر «لايكاً» من أحدهم بالتحديد فتفرحني مشاركته، ويقلقني غيابه في حال لم يشر بـ «لايك». أعتقد أن «اللايك» بمنزلة «بارومتر» عالم الفيسبوك الذي يقيس أمزجة الأصدقاء وآراءهم تجاه مزاجك وآرائك.

أضف تعليق

التعليقات