كتب (قافلة النشر)

كتب

كتب عربية

بيوت النبي وحجراتها .. وصفة معيشته فيها «بيت عائشة أنموذجاً»
تأليف: محمد بن فارس الجميل
الناشر: دار جداول للنشر والترجمة – سبتمبر 2016

يحاول هذا الكتاب إزالة اللَّبس عند بعض المهتمين بالسيرة النبوية الشريفة بخصوص مفهوم كلٍّ من بيوت النبي – صلّى الله عليه وسلم -، وحُجُراتِها. إذ إن بعضاً منهم يحسب أن البيت هو الحُجْرة والحُجْرةُ هي البيت.
وفي الواقع فإن القرآن الكريم والسيرة النبوية قد ميَّزا بوضوح الفرق بين المسميين، فقد أشار القرآن الكريم إلى البيت في عدة مواضع مرة بصيغة الإفراد ومرة بصيغة الجمع. أما الحُجْرةُ فقد كانت الإشارة إليها في القرآن الكريم مرة واحدة وجاءت بصيغة الجمع، في قوله تعالى مستهجناً سلوك بعض الأعراب: (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ) [الحُجُرات: 4] وهكذا، فلو كان المقصود بالحُجُرات البيوت لجاء الخطاب نحو: إن الذين ينادونك من وراء البيوت. ولكن هذا الخطاب لم يحدث لأن الحُجُرات كما يبدو غير البيوت، ولا يمكن الخلط بين المسميين. ليس هذا فحسب، بل إننا نجد أن كلمة (بيت) قد وردت في القرآن الكريم تسع عشرة مرة، وجاءت بصيغة الجمع، أي: (بيوت) أربع عشرة مرة. لعل ما سبقت الإشارة إليه هنا يعطي انطباعاً قوياً بأن البيت شيء مختلف في معناه وأهميته عن الحُجْرة، وهذا يدل على ضآلة شأنها. والكتاب بمجمله عبارة عن دراسة لبيوت النبي – صلى الله عليه وسلم – وأزواجه وصفة معيشته فيها.

 

فن الكتابة الكوميدية
تأليف: د. أسامة القفاش
الناشر: المؤسسة العامة للسينما، دمشق – 2016

يُثير هذا الكتاب جملة من التساؤلات حول ماهية الكوميديا، وكيفية الحكم على عمل ما أنه كوميدي أم لا، وبالتالي لماذا نضحك؟ وكيف نضحك؟ وهل عرف الناس قبلنا الكتابة الكوميدية؟
يؤكد المؤلف أن عملية الكتابة الكوميديّة تحتاج إلى المعرفة النظريّة، لكن الأهم هنا معرفة التقنية نفسها، وقبل ذلك ماهية الكوميديا التي حاول العلماء تعريفها عبر العصور، منذ الفراعنة الذين صنعوا مجسّماً للضحك على هيئة قزم قصير وقميء دعوه «بس»، إلى أرسطو الذي نظّر للدراما في كتابه «فن الشعر»، ولأنه كان رجلاً غُماً فلم يرَ الكوميديا إلا عبر التراجيديا.
ويوضح قفاش أن الإغريق والرومان هم أول من وضع قواعد الكتابة الكوميدية، وأول من ظهر عندهم كتّاب مسرح أو دراما كوميدية أمثال أريستوفان وميناندر، في حين احتفظت كتابات العرب بكثير من النوادر الطريفة كالتي تلف حياة جحا ملك الحمق والحكمة في آنٍ، ونوادر أشعب الطفيلي المحب للهزل وعمل المقالب الطريفة. ثم تطورت نظرية الضحك كتطهير، لتصبح النظرية النفسيّة عند فرويد وأتباعه، الذين اعتبروا الضحك إطلاقاً للطاقة النفسيّة المكبوتة.
وبعدما يقدِّم الكتاب نبذة تاريخيّة عامة حول الكوميديا، وصولاً إلى تحديد سماتها وأنواعها ومتطلباتها، يستعرض عناصر الكتابة الجيدة بدءاً من البحث، إلى الفكرة والتخيّل.

 

أبو العلاء المعرّي ثائراً
تأليف: د. نبيل الحيدري
الناشر: دار العرب – سبتمبر 2016

يسلِّط الباحث والأكاديمي العراقي الدكتور نبيل الحيدري الضوء في هذا الكتاب على قصة فيلسوف المعرّة وعالمها الكبير أبي العلاء المعري وحياته وآثاره. فقد تجاوز ذلك العبقري المتميز زمنه، كما تجاوز مكانه ومجتمعه إلى أفق رحيب واسع لا يعرف الحدود في الفكر والفلسفة والأدب، فواجه التعصب والعداوات التي رحّلته عن المعرّة إلى بغداد التي كانت مركز التنوير. وعندما رجع إلى مدينته، سجن نفسه في بيته ليكتب الشعر والأدب، ويجيب عن الرسائل الكثيرة التي كانت ترده من أصقاع الدنيا، إلى أن مات في قصة غريبة.
ولأن المعرِّي كما يقول المؤلف: «كان معجزة كبيرة اجتمع فيها الأدب والفلسفة والتراث والجدل والعلوم حتى النجوم، ما أبهر عظماء عصره…»، يسلط الكتاب الضوء على ما كتبه العظماء والمستشرقون على مر التاريخ حول عبقريته وذكائه وفكره.

 

التلقائية الإنسانية.. حوار مع البليهي وتعريف بفكره
تأليف: صبحي دقوري
الناشر: التنوير للطباعة والنشر والتوزيع – 2016

هذا الكتاب هو نتيجة حوارات أجراها الكاتب صبحي دقوري
مع المفكِّر إبراهيم البليهي، حول معضلة الثقافة وأسباب
التخلف والريادة والاستجابة، والتحوُّل النوعي… وقد قدَّم الكاتب هذه المادة في سبعة فصول وملحق تعريفي بالمشروع الفكري لإبراهيم البليهي.
يقول الكاتب في المقدِّمة إن البليهي «قدَّم نظرية عن طبيعة الإنسان ربما تكون مفتاحاً لتغيرات واسعة وعميقة، وقد تكون حاسمة في الخلافات حول نظرية المعرفة ومصدرها، وحول اللغة وكيفية اكتسابها، والحدس، والفرق الجذري بين حدس الغفلة وحدس الفورة؛ النظرية ترى أن التلقائية هي مفتاح الطبيعة البشرية…».
وتطرَّق الكاتب إلى جوانب من فكر البليهي طالت قضايا حسّاسة تواجهها المجتمعات العربية اليوم، فهو يرى أن العرب بحاجة لثورة ثقافية جذرية.. «فنحن أميّون في كل شيء، وذلك رغم الركض وراء الشهادات.. ونحن نعيش محنة ثقافية تتسم بالانغلاق الثقافي والتحجّر الاجتماعي وادّعاء الكمال وهي إعاقات حضارية بشعة ومدمِّرة تعجز عن فهم التغيرات النوعية في الحضارة الإنسانية. والحل يكون بالتخلص من تلك الإعاقات والأوهام وصولاً إلى تطوير واستثمار قابليات الإنسان كثروة عظيمة متجدِّدة نامية».

 

كائن اللغة
تأليف: علي عبدالله الفرج
الناشر: دار أطياف / الرافدين – 2016

ما هو المسار الذي تأخذه اللغة ما بين نشأتها واندثارها؟
هذا ما يحاول علي عبدالله الفرج أن يجيب عنه في هذا الكتاب الذي تدور فكرته الأساسية حول كون «اللغة في طبيعتها كائناً حياً، يولد ويتدرّج في مراحل النشأة، إلى أن يصل فيها إلى مراحل متقدمة تمثّل قمة العطاء اللغوي، ومن ثم يشيخ ذلك الكائن ويهرم إلى أن تصل الحال ببعض اللغات إلى الموت والأفول». وهذا ما أثبتته الدراسات اللغوية الحديثة، على الرغم من عدم توصلها إلى كثير من الحقائق العلمية توضح نشأة وتطوّرها إلى أن شكلت منظومة متكاملة يمتلكها الإنسان.
وفيما يتعلَّق بالعربية، يرى المؤلف أن كثيراً من تفصيلات الدرس اللغوي القديم بُنيت وفقاً لمبادئ عقلية لا ارتباط لها بواقع اللغة العربية وبيئتها الاجتماعية. ومن أبرز الأمثلة على ذلك: نظرية العامل في النحو، وهي نظرية ترجع في أصولها إلى قواعد عقلية صرفة تتعارض في تحليلاتها مع بناء الجملة العربية وأساليب التعبير فيها.

 

المشورة الوراثية في المملكة.. مشوار حضاري تسلكه الشعوب لصيانة نسلها
تأليف: د. عبدالجبار علي أحمد المحمد حسين
الناشر:
مركز الأدب العربي – 2016

يوضِّح الكاتب في مقدِّمة كتابه أن علم الوراثة هو قاعدة المعلومات في التنوّع الوراثي البشري، وهو شريان البحوث التي نستنبط منها جذور الأمراض الوراثية وانتقالها من جيل إلى آخر وطرائق تشخيصها ومد يد العون لترميم إعاقتها، وفي الطب الحديث علاجها. وهذا الكتاب يُعد باكورة لعمل طويل نبحر فيه في علم الكروموسومات والجينات، وأماكن وجودها وتعبيرها الطبيعي من البروتينات والأوامر، والأهم من ذلك مرضها.
ويدخل الكاتب في الجزء الأول من أبواب الجين العليل وكنوز المعرفة ومحاورها حوله، ثم يصل إلى علم الكروموسومات وما تضيفه من خبايا إكلينيكية. ويتضمَّن الكتاب قصصاً مثيرة يرويها أبطالها من معشر الكروموسومات كل حسب مسرحه الجيني. وفيه فواصل مسرحية لغوية كتبت لتخفيف الصعوبة في اللهجة العلمية.
الكتاب عبارة عن دخول في تفاصيل الخلية الواحدة، حيث نكون ضيوفاً على الجينوم، وهو أرض الجينات نزوره من حي إلى حي ويتألف من كروموسومات متعدِّدة، ولكل واحد رقم وحجم وخريطة مواقع الجينات وأعدادها، وحيث يوجد في كل موقع بيت أو عمارة أي جينة أو عدة جينات. وكما للبيت مرافق فللجينة مرافقها أيضاً: بوابة وحارس ومفتاح وأقفال وقرائن ونسخ وأشباه جينات. ونادراً أيضاً يقطن فيها دخلاء غرباء مثل الفيروسات. ويستعرض الكتاب أيضاً مختلف أنواع الأمراض والعلل الجينية والوراثية وأهمية المشورة الوراثية والتشريع في صيانة النسل وكل ذلك لأسباب حضارية.

 

كتب من العالم

الوقت المستخدم: آخر السوفيات
Secondhand Time: The Last of the Soviets by Svetlana Alexievich Translated by Bela Shayevich
تأليف: سفتلانا ألكسيفيتش، ترجمة: بيلا شيفيتش
الناشر: Random House – مايو 2016

يعرض هذا الكتاب لقصص مواطنين روس عاديين خلال السنوات الثلاثين الماضية من خلال نوع أدبي جديد وصفته ألكسيفيتش بأنه يروي «لتاريخ العواطف وتاريخ الروح». وتبيِّن لنا هذه القصص ما كانت عليه الحياة خلال سقوط الاتحاد السوفياتي والعيش في روسيا في الفترة التي تلت ذلك مباشرة.
فمن خلال مقابلات أجرتها ألكسيفيتش ما بين عامي 1991 و2012م، تأخذنا الكاتبة أبعد من حسابات الدعاية والإعلام المفتعلة، لتعطينا صورة بانورامية عن روسيا المعاصرة والروس الذين ما زالوا يحملون ذكريات القمع والإرهاب والمجاعة والمجازر، ولكنهم، أيضاً، يحملون مشاعر الفخر ببلدهم، والأمل بالمستقبل، والمحافظة على الاعتقاد بأن الجميع كان يعمل ويقاتل جنباً إلى جنب لتحقيق مدينة فاضلة.
ومن خلال نسيج رائع من الأحزان وانتصارات الروح البشرية التي حبكتها ألكسيفيتش في هذا الكتاب، تروي هذه القصص بمجملها التاريخ الحقيقي للشعب الروسي. ومن خلال أصوات أشخاص وثقوا بها، تنجح الكاتبة في إطلاعنا على طبيعة الإنسان، وأحلامنا وخياراتنا والخير والشر.

 

الكتاب: استكشاف من الغلاف إلى الغلاف للكائن الأكثر نفوذاً في عصرنا
The Book: A Cover-to-Cover Exploration of the Most Powerful Object of Our Time by Keith Houston
تأليف: كيث هيوستن
الناشر: W.W. Norton & Company – أغسطس 2016

في كتابه «الكتاب»، يكشف كيث هيوستن أن الورق والحبر والخيط والغراء واللوح وكل الأمور التي يتكوَّن منها الكتاب، تروي قصصاً غنية مثل الكلمات المسطّرة على صفحاته. فيروي قصصاً عن الحضارات والإمبراطوريات، وبراعة الإنسان. وفي عرض تاريخي ماتع عن هذه الوسيلة البالغة من العمر أكثر من 2000 عام، يتابع هيوستن تطور الكتابة والطباعة، وفن الرسوم التوضيحية، وتجليد الكتب، ليظهر لنا كيف انتقلنا من ألواح الكتابة المسمارية ومخطوطات البردي إلى الكتب المختلفة الموجودة اليوم. وعندما يتساءل هيوستون عن السبب وراء كون معظم الكتب مستطيلة الشكل، يكتشف أن الجواب ليس فقط في راحة القارىء، أو سهولة الحمل والتخزين. ولكن وفقاً لكيث هيوستن، تأخذ الكتب هذا الشكل «لأن الأبقار والماعز والأغنام هي مستطيلة».
فقبل ألفي سنة، عندما توقف محررو الكتب في مكتبة بيرغامون الشهيرة (في ما هو غرب تركيا الآن)، عن الكتابة على لفائف البردي وبدأوا استخدام ورقة الرق، كانوا يؤسسون لنموذج مروّع ومخيف من الطباعة والنشر، لأن «ورقة الرق هي المنتج النهائي لعملية طويلة ودموية ومادية للغاية تبدأ مع موت عجل أو خروف أو جدي».
باختصار يعرض هذا الكتاب، الذي من المؤكد أنه يبهج جميع عشاق الكتب تاريخ صناعة الكتاب الذي يمكن اعتباره «تقنية المعلومات» الأهم في تاريخ الإنسانية.

 

النباتية
The Vegetarian by Han Kang Translated by Deborah Smith
تأليف: هان كانغ، ترجمة: ديبورا سميث
الناشر: Hogarth – فبراير 2016

هذه الرواية هي للكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ الحائزة جائزة المان بوكر للعام 2016م، وتدور أحداثها حول يونغ هاي الزوجة المطيعة التي كانت تعيش وزوجها حياة عادية، ثم صارت تعاني من كوابيس متكررة مملوءة بالوحشية والصور الغارقة في الدماء التي تبدأ تطارد أفكارها. فتقرر يونغ هاي تطهير عقلها ونبذ أكل اللحوم. ولم تعط تفسيراً لقرارها هذا أمام زوجها سوى أنها قالت له «رأيت حلماً». وفي بلد تطاع فيه الأعراف المجتمعية بدقة، كان قرار يونغ هاي بالالتزام بالمأكولات النباتية بمنزلة صدمة للمجتمع حولها. ومن ثم بدأت التغييرات في العلاقة بين يونغ هاي وزوجها وبين جميع المحيطين بها.
تتألف هذه الرواية من ثلاثة أجزاء، في الأول منها سرد من وجهة نظر الزوج «الرديء» الذي يعمل موظفاً عادياً، والجزء الثاني من وجهة نظر «الفنان» زوج شقيقتها، والثالث من وجهة نظر شقيقتها الكبرى المثقلة بالمشكلات، التي تدير محلاً لأدوات التجميل.
وعبر الأجزاء الثلاثة نذهب في رحلة بين الأسس الاجتماعية الرئيسة من توقعات السلوك الاجتماعي وعمل المؤسسات فيه، لنراها في صراع مستمر كانعكاس للصراع الداخلي العميق الذي تعاني منه بطلة. إنها رواية رمزية عن الحياة العصرية في كوريا الجنوبية والتغيرات الاجتماعية الكبيرة التي بدأت تأخذ طريقها إليها.

 

فردوس المخطوطات المرفوضة
Au Paradis Des Manuscrits Refuses by Irving Finkel
تأليف: ارفينغ فينكل
الناشر: JC Lattes – مارس 2016

يطلق الباحث ارفينغ فينكل، عنوان «فردوس المخطوطات المرفوضة»، للدلالة على «مكتبة» جمعها، تضمّ مخطوطات كان الناشرون قد رفضوا إصدارها، على اعتبار أنها ليست صالحة للنشر، ولا تملك ما يكفي من القيمة الأدبية أو الفكرية المطلوبة. تحتوي تلك المكتبة على نصوص من الأدب والشعر والمذكرات والرسائل ومن ضمنها النسخ الأصلية لروايات غدت من عيون الأدب العالمي.
بين الحروف الملونة والمواقف الطريفة، وفي قوالب من الفكاهة البريطانية التي لا تقاوم، تضم هذه المكتبة قصة مدير مكتبة مزعج ولا يُحتمل، وممثلة دجالة تتظاهر بأنها طالبة من أجل أن تسرق أفكاراً لفِلمها المقبل، ولصوص يحاولون سرقة الجائزة الكبرى. ومن خلال هذا الإعلان الرائع عن الحب للكتب والمخطوطات من جميع الأنواع، تلقي هذه المكتبة الضوء على كثير من نقاط الضعف في عالم النشر، الذي يبتعد في كثير من الأحيان عن تقدير قيمة النصوص الأدبية والفكرية، ليقيِّمها من خلال مردودها المادي فقط.

 

عوالمنا عبر اللغات
Our Wolds in Tongues by Huang Yong Ping and François Jullien
تأليف: هوانغ يونغ دينغ وفرانسوا جوليان
الناشر: Klincksieck – يوليو 2016

تحت عنوان «عوالمنا عبر اللغات» صدر مؤخراً كتاب باللغات الفرنسية والإنجليزية والصينية ضم محادثات بين الفنان الصيني الشهير هوانغ يونغ بينغ والفيلسوف الفرنسي فرانسوا جوليان، يتحدث كل منهما من موقعه عن تجربتهما المشتركة «المتأرجحة بين الصين والغرب»، حيث عاش كل منهما شطراً مهماً من حياته على الجانبين. وتجدر الإشارة إلى أن اللقاء والحوار بين الرجلين تم من قِبل الأخصائي بفقه اللغات والكاتب دوناتيان غرو.
في المقام الأول يقوم كل من الرجلين، الفنان والفيلسوف، بتقديم ثقافته للآخر وللذين يشاركون لاحقاً في حوارهما. وبالتوازي مع ذلك، يقدِّم كل منهما رؤيته لثقافة الآخر بحكم العلاقات الطويلة، التي نسجها كل منهما في بلاد الآخر. وفي سياق هذه المحادثات يتم التعرض لتاريخ الفن وتاريخ الأفكار الفلسفية في كل من الصين والعالم الغربي، من خلال التنقل بين الثقافتين. وهكذا مثلاً يقدّم الفنان الصيني نوعاً من المقاربة بين المدرسة المسماة «دادائية» في فرنسا وبين حركة «الزن» الصينية. والتأكيد في هذا السياق على وجود فروق كبيرة بين تقاليد الثقافتين الصينية والغربية. ومما يذكره جوليان مفاده أن أحد أشكال التباين والتباعد الكبرى بين التقاليد الصينية والتقاليد الأوروبية يكمن في أن اليونانيين ولجوا عالم الفن عبر التقليد والمحاكاة، أي إن الفن في الغرب تمثل في إعادة إنتاج الطبيعة، بينما تغلب الرمزية على الفن الصيني.
ويذهب جوليان أبعد من ذلك، وصولاً إلى محاولة «تبيين أشكال وأنماط التباين والتباعد ورصدها والتأمل بها» بين الثقافة الصينية والثقافة الأوروبية، كما في داخل الثقافة الأوروبية نفسها وغيرها من الثقافات.

 

بين كتابين
عالم الميكروبات ونحن

أضمُّ جموعاً كثيرة: الميكروبات داخلنا ونظرة أوسع إلى الحياة
تأليف: إد يونغ
الناشر: Ecco – أغسطس 2016
I Contain Multitudes: The Microbes Within Us and a Grander View of Life by Ed Yong

 

دماغك والطفيليات: كيف تتلاعب مخلوقات صغيرة في سلوكنا
وتشكل المجتمع
تأليف: كاثلين مكوليف
الناشر: Eamon Dolan/Houghton Mifflin Harcourt – يونيو 2016
This Is Your Brain on Parasites: How Tiny Creatures Manipulate Our Behavior and Shape Society by Kathleen McAuliffe

 

هيمنت الاكتشافات المتعلِّقة بعلم الوراثة على علم الأحياء في القرن العشرين، ولكن الميكروبات هي التي لا تزال تحتل الصدارة بالنسبة إلى علماء البيولوجيا في القرن الواحد والعشرين. وهنا كتابان صدرا حديثاً عن كيف سيطرت هذه الكائنات الدقيقة على أجسامنا وربما حتى على عقولنا.
يتناول هذان الكتابان الكائنات غير المرئية التي تعجّ بها الكرة الأرضية.
الأول بعنوان «أضمُّ جموعاً كثيرة: الميكروبات داخلنا ونظرة أوسع إلى الحياة» تأليف إد يونغ، والثاني بعنوان «دماغك والطفيليات: كيف تتلاعب مخلوقات صغيرة في سلوكنا وكيف تشكل المجتمع» تأليف كاثلين مكوليف.
أول ما أدرك البشر وجود هذه الكائنات الحية حولهم وعلى أجسادهم وفي داخلهم كان في القرن السابع عشر، بفضل العالم الهولندي و«أبو علم الأحياء الدقيقة» أنتوني فان ليوينهويك، الذي رأى ما وصفه بـ «حيوانات صغيرة» في طبقة البلاك المأخوذة من أسنانه. وقد تمكن فان يوينهويك من رؤية هذه الحيوانات الصغيرة من خلال عدسات متطورة اخترعها وتستطيع تضخيم الأشياء 270 مرة. بعد تعريفنا على فان يوينهويك واكتشافاته، ينتقل يونغ في كتابه «أضمُّ جموعاً كثيرة» إلى عرض ميّزات العشرات من الحيوانات والفيروسات والبكتيريا المفيدة منها والمضرة، وتلك التي تتعايش معنا دون أي نفع ولا ضرر. ومن ثم يصف يونغ اكتشاف البكتيريا القديمة أو ما يسمى بالعتائق، في أواخر سبعينيات القرن الماضي على يد كارل وويس، الذي وفقاً ليونغ «اكشف بهدوء حوالي ثلث العالم الذي كان مخفياً عنا».
ولا تخلو طريقة عرض يونغ لهذا الموضوع الخفي والمثير للاشمئزاز في بعض الأحيان، من الأناقة خاصة عندما يتحوَّل إلى العلوم الإنسانية لإثراء التفاصيل العلمية في كتابه. كما أنه يضع لفصول الكتاب عناوين مثل اسم أغنية «رقصة الفالس الطويلة»، وعنوان مقطوعة فيفالدي الموسيقية الشهيرة «الفصول الأربعة». ولكن الشعور بالاشمئزاز هو الذي يسيطر علينا ونحن نقرأ كتاب مكوليف حول الميكروبات التي تسيطر على أدمغة الحشرات والبشر وكل المخلوقات الأخرى. يقول يونغ إنه «لا يوجد ميكروب جيد» أو «ميكروب سيء بالمطلق»، ولكن الأمور التي تتحدث عنها مكوليف تشبه الكوابيس. فعلى عكس الجولة الشاملة ليونغ، تركز مكوليف في المقام الأول على الناس والطفيليات غير المرغوب فيها وتفتك بهم. وتخصص مكوليف النصف الأخير من كتابها للطرق التي يمكن فيها للطفيليات توجيه التفاعل الإنساني. وتؤكد أن الخوف اللاشعوري من العدوى يؤثر تقريباً على كل جوانب حياتنا، من الدوائر الاجتماعية التي نتفاعل معها إلى مبادئنا الأخلاقية ووجهات النظر التي نكونها حول كثير من الأمور. وتقول إن المطالب الاجتماعية المتعلِّقة بالآداب تعتمد في جزء منها على تجنب المشاركة الزائدة للطفيليات، وهذا بدوره يؤدي إلى ظاهرة الابتعاد الاجتماعي وإلى ما نسميه «عادات حميدة». نبحر في هذين الكتابين في عالم الجراثيم الخفي والمرعب في بعض الأحيان، وما يظهر هو عالم من النظم الإيكولوجية داخل نظم إيكولوجية أخرى، مثل دمية التراص الخاصة بالطبيعة حيث تتركز الميكروبات في الوسط ليمتد تأثيرها إلى أبعد ما نستطيع فهمه حتى يومنا هذا.

أضف تعليق

التعليقات