فكرة

زراعة الأثاث المنزلي

لا شك في أن الطريقة الأكثر شيوعاً لإنتاج الأثاث الخشبي واضحة إلى حدٍّ ما: تزرع الأشجار المناسبة وتترك لتنمو لعدة سنوات، ومن ثم تقطع، وبعد ذلك تُقسَّم إلى أجزاء أصغر يتم جمعها لتخرج في أشكالها المطلوبة. ولكن المصمم والفنان غافن مونرو تساءل ما إذا كانت هنالك طريقة مختلفة كلياً. وفكَّر في إمكانية جعل الأشجار تنمو وفق الأشكال التي نريدها. وانطلاقاً من سؤال فيه كثير من الإبداع والابتكار، وهو بالتحديد: ماذا لو كان بإمكاننا “زراعة” الكراسي والطاولات وغيرها من قطع الأثاث الخشبية؟ وأجرى مونرو تجارب كثيرة في حديقة والدته، وبعد سنوات طويلة نجح في إطلاق مشروعه “نمو كامل”.

يشير مونرو إلى أن فكرة زراعة الأثاث تعود في الواقع إلى آلاف السنين، إذ من المعروف أن الصينيين القدامى عمدوا إلى حفر ثقوب في الصخور على شكل كراسي ومن ثم تركوا جذور الأشجار تنمو من خلال تلك الثقوب. كما كان للمصريين واليونانيين طريقة مماثلة لزراعة الكراسي الصغيرة. ومن ثم جاء مشروع “نمو كامل”، ليستخدم التقنيات القديمة جنباً إلى جنب مع التقنيات الحديثة في زراعة، وتطعيم ورعاية ومن ثم حصاد الأشجار الحية التي تتخذ أشكال كراسي وطاولات، ومنحوتات أو أي شيء آخر يمكن تخيله.

في جوهره، يُعدُّ هذا المشروع فناً بسيطاً بشكل مثير للدهشة. ويقوم على تشذيب وتقليم فروع الشجرة الشابة كي تنمو وفق أشكال مصممة سابقاً. وفي مرحلة معيَّنة، يتم “تطعيمها”، أي نقل أجزاء من الشجرة إلى أجزاء أخرى بحيث تنمو كقطعة واحدة صلبة. وتتم العملية كلها عبر المواسم وحتى عبر سنوات، إذ يتطلب نمو الكرسي ما بين 4 و8 سنوات. ولكن عندما ننظر إلى كمية الوقت والجهد الذي يستغرق الانتقال من عدم وجود الشجرة إلى منتج خشبي نهائي، ندرك كيف أن هذه الحرفة ليست مجرد طريقة مبتكرة لإنتاج قطع أثاث تتميَّز بالأناقة والوظيفية على حدٍّ سواء، ولكنها طريقة فريدة لتطوير التعاون بين البشر والطبيعة.

 

أضف تعليق

التعليقات