منتج

جواز السفر الحيوي

بات من المعتاد اليوم أن تتم قراءة بصمة الإصبع عند منافذ السفر. وما يفعله موظف الجوازات غالباً هو مقارنة هذه البصمة مع تلك المسجلة على جواز السفر والمحفوظة بدورها في قاعدة البيانات الحكومية.
لكن جواز السفر الحيوي (أو البايومتري) يتجاوز مجرد البصمة. فهو يعتمد على علم يقوم بالتحقق من الشخصية بناءً على السمات الحيوية للشخص. وهذه تشمل، إضافة إلى بصمة الإصبع، حدقة العين وصيوان الأذن وفصيلة الدم ونبرة الصوت وسواها من خصائص جسم الإنسان التي تُعِين على التفريق بينه وبين أي شخص آخر على نحو قطعي. وهكذا، فإن كان الجواز الورقي التقليدي يحمل اسمك وصورتك المميزين، فإنّ الجواز الحيوي هو مستند ورقي يتقدَّم خطوة، إذ يخزِّن -رقمياً – معلوماتك الحيوية الأخرى، إضافة إلى كل بياناتك التقليدية، على أمل توفير وسيلة أدق للتحقق من الهوية ومنع التزوير والانتحال.

حاسوب في ورقة
يدين الجواز الحيوي في ظهوره للتقدُّم الكبير في تصغير المكوّنات الإلكترونية المستخدمة في الحوسبة والاتصالات، التي أتاحت طباعة حاسوب متكامل على شرائح دقيقة بتنا نستخدمها في بطاقات الائتمان والهوية كذلك. وهي تقنية مقاربة لتقنية التعريف الراديوية (RFID) التي تستخدم شرائح مماثلة نجدها ملصقة بالبضائع التجارية من كتب أو ملابس، لتسهل قراءتها عند منافذ البيع وتمنع تهريبها خارج المحل من دون دفع الثمن.
أما في جواز السفر الرقمي، فتدمج هذه الشريحة الرقيقة جداً إما في الغلاف أو على إحدى الأوراق في الداخل. وتملك هذه الشريحة بطارية ووحدة تخزين وهوائي للبث، ما يتيح للجواز أن يتصل لاسلكياً بحاسوب موظف المنفذ الحدودي أو بشبكة المطار لتتم قراءة بياناتك وإثبات شخصيتك، دون الحاجة إلى إدخال بياناتك يدوياً. يكفي فقط أن تمرر الجواز على سطح القراءة أو تقربه منه، ليتم تسجيل دخولك أو خروجك، ما لم تكن تحمل جواز سفر غيرك بطبيعة الحال!

تاريخ قديم ومحاذير قائمة
الاعتماد على البيانات الحيوية قديم قدم الاعتماد على البصمة المقروءة عياناً. كما سبق أن طوَّرت الشرطة الفرنسية أسلوب تحديد الهوية من شكل صيوان الأذن الذي لا يتشابه فيه إنسانان، منذ القرن التاسع عشر. لكن تطوُّر أساليب الانتحال وتزوير المستندات الورقية دفع إلى البحث عن طرق أكثر تقدماً وفعالية. فتم اعتماد الشرائح الذكية الرقيقة كما تقدَّم، لتخزين كافة البيانات التقليدية وسواها إلكترونياً كي تتم مقارنتها بالمكتوب على الورق ومطابقتها بما يقدِّمه صاحب جواز السفر المزعوم بهيئته وبصمته التي يقدِّمها طوعاً في المطار، وإجاباته عن أية أسئلة لتوفير تحقق موثوق وآمن. بحيث لا يسع أحدٌ أن يستخدم جوازك الحيوي لو سرق أو فقد منك.
وإذا تتبعنا تاريخ الشرائح الذكية التي يعتمد عليها جواز السفر الحيوي، فسنعود إلى بدايات التسعينيات، حيث كانت فنلندا رائدة في تطبيق تقنيات بطاقات الدفع الذكية التي تعمل باللمس، أي لمس البطاقة الذكية بسطح قارئ موصول بقاعدة بيانات، عوضاً عن تمرير الشريط الممغنط في ظهر البطاقة بتجويف قارئ آلي. وكانت كوريا الجنوبية لاحقة لها، ثم انتشرت التقنية مع تطوير خوارزميات (أو برامج) تأمين البيانات ودعم سريتها، بحيث لا يسع أي قارئ كان الاطلاع على البيانات – السرية غالباً – التي تحملها الشريحة. ثم كان العام 2004م، حين قررت دول الاتحاد الأوروبي تعميم استخدام الجوازات الحيوية الذكية بين دول (الشينغن)، وتلتها الولايات المتحدة في عام 2007م.
وحالياً، يطبِّق كثير من دول العالم هذه التقنية، وعربياً تشمل قائمة الدول التي تصدر جوازات حيوية كلاً من السعودية والإمارات ولبنان والسودان والجزائر والمغرب، والقائمة في نمو.
لكن، وكأي نظام أمني، فالثغرات قائمة. وتشكل عمليات القرصنة الإلكترونية أكبر تهديد للجواز الحيوي. فاختراق نظم البيانات الحكومية، أو العبث بالمحتوى الإلكتروني للجواز يعرضه للتزييف ويعيد خطر الانتحال إلى الواجهة. ولا يبقى هنا سوى حدس موظف الجوازات الذي سيضطر إلى التحديق في وجهك، وسؤالك عن السبب الذي حداك لإطلاق شاربك الكث الذي قد لا يمت لصورتك المخزنة في النظام بصلة!

أضف تعليق

التعليقات