حياتنا اليوم

الليل والحياة الاجتماعية

page 45كان ليل طفولتنا نحن الكبار مختلفاً عن ليل أطفال اليوم، كتلك الطفلة الصينية التي ظهرت على وسائل الإعلام، وقد حجب التلوث الكثيف عينيها، فقالت إنها سمعت عن القمر والنجوم ولكنها لم ترها مرة واحدة. ليلنا كانت نجومه مشرقة وقمره ساطعاً، وملجؤنا الوحيد فيه حضن العائلة ودفئها. وملجأ أطفال اليوم الشاشات على أنواعها، وحضن شبابه الأماكن الليلية العامة للتسلية. كيف يعيش الإنسان دون ذلك الليل؟ دون حميميته وإيحاءاته ورهبته وظلامه الدامس؟

لم يكن الليل ملكاً عاماً كما هو النهار. كان فضاءً خاصاً حميماً لكل فرد، لأحلامه ومشاعره وخوفه. كان الليل خارج الزمن الاجتماعي، خلا زمن بعض المغامرين والشعراء والرومانسيين، وكذلك بعض المتسكعين. كما كان خارج تأثير الإنسان على الطبيعة وتشويهها. والحضارة الحديثة أدخلته متاهات الحياة اليومية وأخضعته لقيمها ومقتضياتها ومفاهيمها المادية.

والجيل الجديد الذي لم يحجب التلوث عنه رؤية السماء الصافية بعد، حجبته الأجهزة الحديثة. فالشاشة، التي يقضي معظم أوقاته قبالتها، وإن كانت تمثيلاً للعالم الواقعي في الخارج، فإنه واقع افتراضي خاوٍ من إيقاع الطبيعة ونبضها الحي المتغير في الليل والنهار.

لكنْ بعيداً عن رومانسيتنا الجميلة المستبدة بنا نحن الذين نعيش في عصر الرفاهية والحياة السهلة، علينا أن نتساءل: لماذا استمر أجدادنا بالتخلي عن هذا الليل الحلم منذ عشرات ملايين السنين؟

يفيدنا العلم الحديث أن بقاء الجنس البشري واستمراره كان وقفاً على تشكيل الإنسان للمجتمع وعلى امتلاكه عقلاً مفكراً. والليل كان عائقاً أمام ذلك.

page 46وبديهي أن الخوف من الليل وما يكتنفه من مخاطر عديدة في العصور السابقة، كان السبب الأساسي للاعتقادات بالقوى الغيبية والشر. كانت هناك اعتقادات واسعة، في أكثر من مكان، حول أن الليل كان تحت سيطرة القوى الشيطانية والساحرات والأشباح. وكانت الأمراض والإصابات والعاهات والحروب هي من أعمال قوى الشر الليلية هذه. وانحسار هذه الخرافات، وصعود الفكر العقلاني وصولاً إلى العلم الحديث، اقترن مع امتداد النهار. كما اقترن معه تكون المجتمع وصولاً إلى الدولة الحديثة.

الليل في عصور ما قبل التاريخ
في بحث علمي من جامعة «أكسفورد» بقيادة سوزان شولتز عن الإنسان في عصور ما قبل التاريخ، تبيَّن أنه أصبح مخلوقاً اجتماعياً عندما تخلَّى عن الحياة الليلية. وكشفت الدراسة أن الإنسان، وبعض الثدييات الأخرى، كانوا حيوانات ليلية، وحياتهم انفرادية حتى 52 مليون سنة خلت. وتغيَّر ذلك حين بدأ بعض الذكور يعيش مع عدة إناث، فكان هذا هو الشكل الاجتماعي الأول.

وتضيف شولتز أن أجدادنا كانوا حتى 52 مليون سنة، صغار القامة يعيشون في الغابات وعيونهم كبيرة نتيجة التحديق الخائف في الليل باستمرار. وهذا يدل على أنهم كانوا كباقي الحيوانات التي تختفي في النهار وتنشط في الليل.

كانت حياة الليل تقيهم من خطر الحيوانات المفترسة وخاصة النسور الجائعة، لكنها صعبة جداً فيما يتعلق بتأمين المأكل والمشرب. وربما كان هذا هو من الدوافع التي حفزتهم للظهور والحركة المحدودة في النهار. وحالما تكاثرت فترات الظهور النهاري، أخذ أجدادنا يتجمعون في مجموعات كبيرة. وتقول شولتز إن العدد يوحي بالأمان. هذه كانت بداية تكون المجتمع.

o-LEONARDO-DA-VINCI-BOOK-facebookليالي الشرق
لا يسع أي حديث أو مقالة عن الليل إلا ويكون كتاب ألف ليلة وليلة هاجسه. ويُطلق على هذا الكتاب في الغرب «الليالي العربية». وهو عمل ضخم تعاقب على جمعه وترجمته، على مدى مئات السنين، عدد من المؤلفين والمترجمين من عدة لغات من الشرق الأدنى والأوسط والأقصى. وقد تُليت قصص هذا الكتاب الليلية على مسامع شعوب هذه المناطق الواسعة عبر القرون. وظهر في قصصها كثير من مخلوقات الليل الخرافية وأخبارها، التي كانت منتشرة في أماكن كثيرة من التاريخ، كالجن والعفاريت والمساخيط والموتى الأحياء والمسوخ وغيره.

بعكس ليالي الغرب الكئيبة في الفترة نفسها، كانت بعض ليالي الشرق عامرة وزاهية. وأخبارها ملأت الدنيا ودخلت إلى الأعمال الفنية العالمية الكبيرة في الموسيقى والمسرح والرسم والرقص والأدب والشعر.

الحياة الليلية في العصور الوسطى
لم يكن شروق الشمس ومغيبها حدثاً عادياً كما هو اليوم. كان جزءاً حيوياً من إيقاع الحياة المنقطعة إلى زمنين مختلفين. ومصابيح الزيت والغاز الأولى التي علقت في شوارع المدن الأوروبية والأمريكية في ستينيات القرن السابع عشر، أشَّرت إلى مرحلة جديدة في تاريخ الإنسان. هي مرحلة استيلاء النهار على الليل.

لا يسع أي حديث أو مقالة عن الليل إلا ويكون كتاب ألف ليلة وليلة هاجسه. ويطلق على هذا الكتاب في الغرب«الليالي العربية»..

كان الخروج من المنزل يكتنفه كثير من المخاطر في الليل. ويقول روجر إيكرش في كتابه «عند انتهاء النهار» عن حياة الليل في أوروبا وأمريكا في الفترة بين القرنين السادس عشر والثامن عشر، إن الليل كان ينتمي إلى الشيطان والسحر والأرواح الشريرة. وكانت تكثر حوادث الحرائق الناتجة عن وضع الشموع أو السروج بلا مبالاة. وكانت السلطات الدينية، كما السلطات المدنية توصي بعدم الخروج من المنزل في الليل والاهتمام بالعائلات وبالصلاة. وفي المدن كان حكامها يغلقون أبوابها وأحياناً يفرضون عدم التجول.

أولئك الذين يخرجون هم من أصحاب التجاوزات على أنواعها، وهم من يرتادون الأماكن السيئة السمعة. والناس ينظرون إليهم بكثير من الريبة والحذر. وقد وصف إدموند سبنسر الليل قائلاً: «أيها الليل يا والد الضجر الثقيل / يا شقيق الموت ووطأته، ومرعى الوجع».

page 47وعلى الرغم من أن النوم كان يتم بشكل جماعي في غرف صغيرة، يقول إيكرش، فإن هذه الفترة كانت وقت الخلوة بالذات والتأمل العميق بها. والحال أن الناس العاديين كانوا يهجعون إلى النوم مبكراً حوالي الساعة التاسعة مساءً ويستيقظون عند الخامسة صباحاً. في البيت، وقبل النوم هناك أعمال كثيرة يجب القيام بها: تحضير الجبن، وضع الحيوانات في الزريبة، التحطيب، تصليح الأدوات، حرق أعشاش الدبابير، قص الحكايات الشعبية حول النار، التسلية ببعض الألعاب أو غيرها، عزف الموسيقى بما تيسر من الأدوات..

واقتضى توسع النهار، استعادة الليل من أصحابه السابقين. وهم المتشردون وشذاذ الآفاق واللصوص وغيرهم، الذين كانوا يرتعون بحرية شبه تامة. أداة القمع الأساسية في هذه العملية هي تعليق مصابيح الزيت في الشوارع. فعلقت الأولى منها على العواميد في باريس سنة 1667م، وأمستردام 1669م، وهامبورغ 1673م، وتورينو 1675م، وبرلين 1682م، وكوبنهاغن ولندن 1684م. وكان رد المتشردين على ذلك تكسير المصابيح وتحطيمها. وردت محاكم باريس على ذلك بسن قوانين ضد هؤلاء المرتكبين بالأشغال الشاقة. وبقطع الأيادي في فيينا.

الحفلات تنتقل إلى الليل
في ذلك الوقت بدأت الاحتفالات العامة تنتقل من الطرق والساحات في النهار إلى الليل. وفي عهد لويس الرابع عشر ملك فرنسا، تحولت كل الحفلات من رقص الباليه والموسيقى والمسرح والأوبرا وحفلات الأقنعة إلى الليل.

لم يكن باستطاعة ليوناردو دافينشي أن يقيم أعماله المنجزة إلا في جوف الليل. وجون ميلتون كان يَنظِم الشعر في الليل شفاهية دون كتابته..

ويقول تيم بلاننغ في مقالة له في «تايمز ليتراري سابليمنت»، ترجمته جريدة الحياة، إن الناس أصبحوا يتجولون في الليل دون خوف. وفي أحد مشاهد مسرحية «جون فانبروك»، 1720، ترد الليدي أرابيلا على زوجها اللورد لوفيرول المنزعج من سهراتها الطويلة قائلة: «ساعتي الثانية بعد منتصف الليل هي مرآة الحياة والنشاط والهمة، أما أنت في الحادية عشرة فتصدر أصواتاً كئيبة ومضجرة وغبية لا جدوى منها»، وحين يرد بأن النوم الباكر جيد للصحة، تبادره «هكذا هي صحة الحيوانات».

MTE5NTU2MzE2MzE3MzIwNzE1نظرة إيجابية إلى حياة الليل
على الرغم من الصورة السوداء في ذلك الزمن، كان يُعدُّ الليل، من بعض نخب ذلك الزمن، بطريقة مختلفة مماثلة لصورته عند أبي العلاء المعري:
ربَّ ليل كأنه الصبح في الحسن
وإن كان أسود الطيلسان
فأعظم الكتب، حتى ذلك الوقت، طرحاً لما يتعلَّق بعلم السياسة: «الأمير»، بدأ نيكولو ماكيافيللي كتابته في الليل. حيث يقول في إحدى رسائله: «في الجزء الأول من الليل، وعلى مدى أربع ساعات نسيت العالم، نسيت كل مضايقة، لم أعد أخاف الفقر أو أرتعش من الموت، كنت مستغرقاً كلياً بما أكتب».

ولم يكن باستطاعة ليوناردو دافينشي أن يقيم أعماله المنجزة إلا في جوف الليل. وجون ميلتون كان يَنْظِم الشعر في الليل شفاهية دون كتابته.

يصف كريغ كوسلوفسكي المؤرخ الأمريكي من جامعة إلينوي انتقال بعض النشاطات الاجتماعية ونشاطات التسلية والسهر، إلى فترة الليل بالثورة، ويتحدث عن «استعمار» النهار لليل. كما يعد يورغن هابرماس الفيلسوف الألماني المعاصر أنه بتوسع النهار إلى الليل، توسع «الحيز العام»، أي الأماكن التي يلتقي فيها الناس عشوائياً للدردشة والتسلية وتناقل الأخبار والنقاش. وهابرماس هو من صك هذا المفهوم الذي يعده الوسيط الأساسي لكل حركات التغيير الاجتماعية. ويورد كوسلوفسكي أن بعض تقارير الشرطة الباريسية سنة 1729 تعبِّر عن قلق قيادتها من ضعف الإيمان الديني الذي تحفزه المناقشات إلى وقت متأخر من الليل في المقاهي، وهي مناقشات «ميتافيزيقية» خطرة جداً.

الثورة الصناعية والليل
page 49بعيد الثورة الصناعية في أواخر القرن الثامن عشر، نشأ ما يعرف باقتصاد الليل. لم تعد مسألة الحياة الليلية تتعلق بشؤون القانون والنظام فقط كما كانت سابقاً. لأن الليل في مدينة ما بعد الثورة هذه بدأ يتعلق بحركة الاقتصاد الجديد المتجه نحو الإنتاج والاستهلاك. وهكذا أخذ مفهوم القانون والنظام والسلطة الاجتماعية يتغير بالارتباط بتحفيز وتطوير الحركة الاقتصادية والعلمية والإبداعية وامتدادها من النهار إلى الليل.

إذ ذاك أصبحت المدينة في الليل تضم عدداً كبيراً من المجموعات المتضاربة المصالح مثل الحكام المحليين، الشرطة، القضاة، السكان المتنافري الانتماءات الاجتماعية والتقاليد الريفية، العمال والمستهلكين. وقد وجد هؤلاء جميعاً أنفسهم بمواجهة مسألة جديدة كل الجدة: تنظيم وحوكمة حياة الليل. ومع الوقت، تطور نوع من الإجماع تمحور في البدء حول مصالح كبار الملاك وأصحاب المصانع الناشئة وتكتلات الترفيه التي بدأت في الاتساع.

الليل والمدينة الحديثة
وكما شكَّل اقتصاد الليل فرصاً لبعض الفئات، أوجد مشكلات كبيرة للبعض الآخر في عصرنا الحالي. فازدياد ما بات يُعرف بالتلوث الضوضائي في المدن جعل بعضها من أسوأ الأماكن للنوم كمدينة نيويورك وغيرها كثير.

Times_Squareلذلك السبب، ظهرت مؤخراً دعوات لتأسيس فرع في علوم التخطيط المدني تتعلق بالحياة الليلية. فاضطر عالِم التخطيط المدني الألماني جاكوب شميدت القيام بنفسه بمشروع بحث عنوانه «المدينة بعد الساعة الثامنة مساء» للتعرف إلى ماهية هذه الحياة. حيث قال إن المعلومات والأبحاث حول هذا الموضوع قليلة بل منعدمة بشكل مذهل عند مهندسي التخطيط المدني وحتى عند أهل الاختصاص في العلوم الإنسانية المختلفة.

أماكن اللهو الليلية في برلين مثلاً ليست محصورة في بقعة بعينها بل منتشرة على مساحة المدينة وتشكل تحدياً لمعظم سكانها. بينما في بعض المدن الأخرى يتركز النشاط الليلي في مركزها الوسطي.

ازدياد ما بات يُعرف بالتلوث الضوضائي في المدن جعل بعضها من أسوأ الأماكن للنوم كمدينة نيويورك وغيرها كثير..

يعطي شميدت بعض الأمثال على مخاطر عدم معرفة تفاصيل الحياة الليلية وهو ما حدث في المملكة المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي، عندما بدأ الاهتمام بالتخطيط المدني. توسعت المدن إلى ما يعرف بسكن الضواحي التي بلغت ذروتها في أواخر العقد. فكانت نتيجة ذلك ازدهار هذه الضواحي في الليل بينما ماتت الحركة في مراكز المدن بعد انتهاء العمل. وأحدث هذا مشكلة اقتصادية كبيرة لبعض الفئات المدينية العريقة.

مواقع التواصل الاجتماعي والليل
كثير من مدن العالم اليوم لا ينام في الليل. تتغير فقط طبيعة الحركة بينه وبين النهار. لهذا أطلق على مجتمعنا المعاصر، مجتمع الـ «24/7» أي امتداد النهار 24 ساعة على مدى سبعة أيام. فمعظم المدن أصبحت تعج بالمطاعم والمقاهي والملاهي والحانات الليلية وغيرها كثير.

في دراسة مشتركة قامت بها جامعتا «موناش» الأسترالية و«سانت غالنت» السويسرية حول علاقة الناتج القومي بالإضاءة الليلية، تبيَّن أن هناك رابطاً قوياً بين الاثنين. هذا يعني أنه كلما اختفى الليل قوي الاقتصاد.

page 48ومع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، لم يعد على الزائر أو السائح إزعاج نفسه بالتفتيش عما يريد. هناك مثلاً بعض المواقع التي تؤمِّن له ما يحتاجه فوراً. فأينما يوجد الشخص حول الكرة الأرضية يدلّه الموقع على ما يستحسنه أو يرغبه بواسطة نظام التموضع العالمي (GPS). وتضم هذه المواقع مئات ملايين المشتركين. فإذا كان الزائر يحب المتنزهات أو المقاهي أو نوعية معيَّنة من الروَّاد، يؤشر له الموقع المكان والطريق الذي يجب أن يسلكه دون استشارة أحد على الإطلاق. والموقع باستطاعته من خلال المعلومات المزوَّدة له، ومن خلال تحليل نشاط الفرد السابق، أن يستنتج ما يرغب فيه المشترك، ويدله ماذا يتوافر حوله من ذلك. ويشمل هذا الأصدقاء الفعليين والأصدقاء المحتملين الذين باستطاعة الموقع أن يحدِّد أماكن وجودهم. هكذا يصبح بإمكان الفرد أن يجتمع مع مَنْ يريد ويتجنب مَنْ يريد.

ويذهب بعض العلماء إلى الاستنتاج أن هذه المواقع بدأت تحل محل الجمعيات والأندية والأحزاب وغيرها من التجمعات التي أصبحت تنتمي إلى الماضي. لكن هذه المواقع منفتحة إلى درجة لم يعد باستطاعة أي كان أن يجتمع في الليل بغفلة عن أعين الآخرين، مثلما نشأ في الماضي كثير من التنظيمات والحركات السرية.

f35d8f465bfc2b700dd682ead45c9522-1الليل والتمييز بين الفئات
مع بداية الثورة الصناعية، وتوسع المدن بواسطة الهجرة من الريف للعمل في المصانع، التي بدأت تعمل في الليل والنهار، أضيئت المصابيح الأولى في الشوارع. فكان باستطاعة المرء أن يرى، وقبل انبلاج الصبح، عربات الخيل تنقل أفراد الفئة الأرستقراطية العائدين من حفلات البلاطات الليلية وهي تلتقي العمال المُبكرين مشياً إلى العمل.

ومع أن الفوارق الطبقية والتمايز بين الجنسين في السلوك والحياة الليلية آخذة في الانخفاض منذ ذلك الوقت، فإن الفوارق الإثنية والعرقية والدينية آخذة بالازدياد. ففي كتابه «الحياة الليلية: العرق، الطبقة، الثقافة والتسلية في الحيز العام»، 2014م يستنتج روبن ماي، أستاذ علم الاجتماع في جامعة تكساس، أن التمييز العرقي والثقافي يتحدى الانفتاح المتزايد بفعل العولمة.

مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي لم يعد على الزائر أو السائح إزعاج نفسه بالتفتيش عما يريد. هناك مثلاً بعض المواقع التي تؤمِّن له ما يحتاجه فوراً.

ويكشف ماي أن كل فريق ينظر إلى الأماكن العامة المتوفرة في الليل من زاويته الخاصة. وتعكس اجتماعاتهم داخل هذه الأماكن، من مطاعم وملاهٍ وغيرها، خلافاتهم في الشارع. هكذا يصل إلى مفهوم «العزل المتكامل». وهو أن الجميع يعيشون جسدياً بعضهم مع البعض الآخر، لكنهم نادراً ما يتفاعلون سوياً كأعراق.

ومع امتداد النهار إلى الليل كله، وضمور الخرافات وانتشار العلم وسيادته، وتوسع المجتمع إلى زوايا الكرة الأرضية الأربع بما أصبح يعرف بـ «بالقرية الكونية»، (على رأي فيلسوف التكنولوجيا الكندي «مارشال ماكلوهان» الذي أطلق هذا التعبير)، وبعد التضحية بالرومانسية والطوباوية لصالح البقاء، هل حقق الإنسان المعاصر حلم الأجداد بالأمان الكامل؟
من الواضح أن هناك أجوبة متعددة ومختلفة على ذلك.

أضف تعليق

التعليقات