طاقة

البطاريات

مصدر للطاقة المحمولة بين يديك

في ظل الانتشار الكبير للأجهزة الذكية وغيرها من المبتكرات الحديثة، صرنا عالةً على بطاريات تلك الأجهزة ومتعلِّقين بالسؤال: كم عمر البطارية؟ وكم بقي من نسبة شحنها؟ فمن المنازل إلى المطارات والأماكن العامة، صار الناس يهتمون بموقع قابس الكهرباء أكثر من الظل الظليل والمقعد المريح. كل هذا كي تبقى – بطاريات – أجهزتهم حية ويظلوا على ارتباط بالحياة من خلالها.
فالبطاريات تلعب حالياً دوراً أكبر من أي وقت مضى في حياة الإنسان اليومية، فهي تشغِّل الهواتف النقالة والحواسيب المحمولة والأجهزة الذكية واللوحية والسيارات التقليدية والكهربائية والمصابيح اليدوية والساعات… وببساطة شديدة، أصبحت البطاريات على اختلاف أنواعها جزءاً رئيساً في حياة الإنسان، ومن دونها سيختلف شكل الحياة تماماً.. سواء أكانت حياة حقيقية أو في مجاهل العالم الإلكتروني.

لغز تاريخي
أثناء إنشاء سكة للحديد بالقرب من بغداد في عام 1936م، عثر العمال على اختراع عجيب يعود تاريخه إلى ما قبل 2000 سنة، وهو عبارة عن جرة من الطين مغموس فيها قضيب من الحديد محاط بأسطوانة من النحاس، استرعى هذا الاكتشاف اهتمام العالم الألماني «فيلهيلم كونيغ»، الذي توصل إلى أنها بطارية أطلق عليها اسم «بطارية بغداد». كما اكتشفت لاحقاً جراراً أخرى مشابهة لها. وقد شكَّل هذا الاكتشاف لغزاً حيَّر الباحثين لسنوات طويلة.

يعتقد الباحثون الآن أن ما تم اكتشافه هو أول بطارية اخترعها الإنسان، والهدف منها كان لاستعمالها في المجال الطبي، إذ كانت قادرة على إنتاج تيار ضعيف يتم تمريره في إبر تلامس جسم المريض وتساعد على الشفاء. ومن جانب آخر، يرى بعض الباحثين أن تلك البطاريات البدائية قد استخدمت في عمليات الطلاء الكهربائي، إذ كان يستعمل التيار الناتج عنها في إضافة طبقة من أحد المعادن الثمينة كالذهب إلى معدن آخر، وعملية الطلاء تلك قد عرفها المصريون قبل 4300 سنة.

الضفدع والبطارية الحديثة
كان اختراع أول بطارية حديثة ككثير من الاختراعات المهمة التي تمت عن طريق الصدفة. ففي عام 1771م، لاحظ العالِمْ الإيطالي «لويجي غلفاني» أن عضلة ساق الضفدع تنجذب عند مسها بقضيبين معدنيين مختلفين متصلين ببعضهما بعضاً، وعرفت هذه الظاهرة الغريبة بالكهرباء الحيوانية.

وعلى إثر ذلك أجرى «أليساندرو فولتا» عدداً من التجارب مستخدماً بعض الفلزات كالرصاص والقصدير والحديد والزنك كأقطاب سالبة، كما استخدم النحاس والذهب والفضة والغرافيت كأقطاب موجبة، وتوصَّل إلى أن ما حدث هو تفاعل كيميائي على عضلة ساق الضفدع المبلولة.

وبحلول عام 1800م، اكتشف فولتا أن بعض السوائل قادرة على توليد تدفق مستمر للقدرة الكهربائية عند وجود أقطاب مختلفة فيها، وهذا ما أدى إلى اختراع أول خلية فولتية عُرفت بالبطارية.

حتى عام 1859م، كانت البطاريات التي تُصنع هي بطاريات أولية غير قابلة للشحن. ولكن في ذلك العام، استطاع الفيزيائي الفرنسي جاستون بلانت اختراع أول بطارية ثانوية، أي قابلة للشحن، وهي بطارية تخزين مكوّنة من الرصاص والحامض ما زالت مستخدمة حتى يومنا هذا.

كانت تلك النماذج تعتمد على المحاليل السائلة، ما حدَّ كثيراً من استخدامها في الأجهزة المتنقلة. ومع نهاية القرن التاسع عشر، طوّرت البطاريات الكهربائية الجافة، حيث لم تعد الأقطاب تغمّس في السوائل، إذ أصبح العمود الموجب المكوَّن من الكربون والسالب المكوَّن من الزنك محاطين بعجينة صلبة من مركبات كيميائية، وأصبحت هذه البطاريات مناسبة للاستخدام في الأجهزة المتنقلة.

معايير متعدِّدة
وعلى امتداد قرن من الزمن، اخترعت أنواع كثيرة من البطاريات متباينة الاستعمالات. فهناك البطاريات متناهية الصغر التي تستعمل في تشغيل ساعات اليد الكهربائية وسماعات الأذن وأجهزة تنظيم ضربات القلب وبعض أنواع الآلات الحاسبة وغيرها من الأجهزة الصغيرة، وتزن هذه البطاريات نحو 1.4 غرام فقط، وهناك بطاريات ضخمة يستخدم بعضها في الغواصات والمنشآت الكبيرة ويصل وزنها إلى نحو طن، وتتفاوت الجهود المتولدة عن هذه البطاريات.

وقد اتفق على إعطاء الأنواع المختلفة للبطاريات رموزاً لتوحيد عملية تصنيعها ضمن مواصفات قياسية. وهذا ما يسهِّل على مصنعي الأجهزة اعتماد تلك المقاسات في تصاميم أجهزتهم. وتعد بطارية «F» من أوائل البطاريات التي صنعت وكان ذلك في عام 1896م، وقد استخدمت لإضاءة المصابيح. وفي عام 1898م ظهرت بطاريات «D» وأعقبها بعامين بطاريات «C».

أما النماذج المعروفة لنا من البطاريات والأكثر استخداماً فهي «AA» و«AAA»، اللتان تعرفان باسم القلم الخفيف. وقد صنعت بطارية AA في عام 1907م، واستخدمت إبان الحرب العالمية الأولى لتشغيل أجهزة التجسس، وفي عام 1915م أصبحت متوفرة للعامة، أما بطارية AAA، الأصغر حجماً من بطارية AA فصنعت في عام 1954م، واستخدمت لتشغيل آلات التصوير التي كانت تنتجها شركتا كوداك وبولارويد. وفي عام 1990م، طورت بطارية أخرى عرفت ببطارية «9V» التي أطلق عليها الرمز «AAAA»، وهي تستخدم لتشغيل بعض ألعاب الأطفال والمسجلات وأجهزة الراديو ومؤشرات الليزر وغيرها من الأجهزة.

وتُعد البطاريات ذات الشكل الأسطواني من أكثر البطاريات الأولية والثانوية استخداماً، حيث يكسبها الشكل الأسطواني القدرة على تحمُّل الضغط دون تعرضها للتلف. وهي شائعة الاستخدام في المعدات الطبية وأجهزة الإضاءة وأجهزة التحكم عن بُعد وألعاب الأطفال وبعض الهواتف النقالة القديمة وغيرها كثير من المعدات.

أما البطاريات الصغيرة «الزر»، فقد ظهرت في عام 1980م، وتستخدم اليوم في تشغيل الساعات اليدوية وبعض الهواتف اللاسلكية والمعدات الطبية وسماعات الأذن وأجهزة فتح السيارات وهي رخيصة الثمن لكنها منخفضة الأداء وغالبية أنواع تلك البطارية غير قابلة لإعادة الشحن.

صدارة الليثيوم
بحلول عام 1990م، برزت الحاجة المُلحَّة إلى تصنيع بطاريات ذات قدرة عالية بأدنى حجم ووزن ممكنين. كما زادت انتقادات حماة البيئة لصناعة البطاريات التي يُستخدم فيها كثير من المعادن الثقيلة، نظراً لمدى التلوث البيئي الذي تتسبب به وصعوبة تدويرها، وخصوصاً بطارية النيكل-كاديوم والرصاص، وتعالت الأصوات المطالبة بالتحوُّل إلى استعمال بطاريات هدريد النيكل المعدني NiMH، التي هي بطارية صديقة للبيئة وتشبه في أدائها بطارية النيكل-كاديوم.

لقد أسهم صانعو الأجهزة المحمولة في اليابان بين عامي 1990 و1995م في إحداث ثورة حقيقية في صناعة البطاريات القابلة لإعادة الشحن. حيث طورت بطاريات ليثيوم – أيون الأكثر ديمومة التي يتوقع أن تكون بطارية المستقبل القادرة على تشغيل كافة الأجهزة المحمولة كالهواتف النقالة الرقمية على اختلاف أنواعها وأجهزة الحاسوب والكاميرات الرقمية والأجهزة اللوحية والتجهيزات الكهربائية الطبية والسيارات الكهربائية وغيرها كثير من الأجهزة الحديثة وبكفاءة عالية، إذ يتطلَّب ذلك استخدام بطاريات قادرة على تخزين طاقة عالية في حيِّز صغير نسبياً. فازدهرت صناعة بطاريات الليثيوم. وبحلول عام 2000م، تجاوز سوق تلك البطاريات نحو 4.5 مليار يورو، وقد تقاسمت ثلاث شركات يابانية، هي: سوني، وسانيو، وماتسوشيتا، 70 بالمئة من هذه السوق.

شحن البطاريات
يعقب كل عملية تفريغ للبطارية، ضرورة إعادة شحنها باستخدام شواحن خاصة. وفي الواقع، فإن الشواحن هي محولات للطاقة يتم وصلها بأحد مصادر الطاقة الخارجية. بما فيها الطاقة الشمسية أو حركة جسم الإنسان أو كهرباء السيارة. كما أننا بتنا نشحن بطاريات أجهزتنا من بطاريات أكبر قابلة هي الأخرى لإعادة الشحن سمَّيناها «بنوك الطاقة».

إن اختيار الشاحن المناسب للبطارية مهم جداً من أجل أداء طويل للبطارية، وبالإضافة إلى وظيفة الشاحن الرئيسة في تزويد البطاريات بالطاقة الكهربائية، تزود الشواحن بميزات إضافية، أهمها الحماية من تفاوت درجة الحرارة. إذ إنه عند درجة الحرارة المنخفضة جداً يتراجع أداء الشواحن وقد تتوقف عن العمل. ولذلك تم تضمين معظم البطاريات والشواحن بحساسات للحرارة لإيقاف عملية الشحن عندما تتخطى الحرارة مستوى الأمان، علماً أنه من الطبيعي أن ترتفع درجة الحرارة خلال عملية إعادة الشحن.

وتُعد بطاريات النيكل من أهم البطاريات القابلة لإعادة الشحن. إذ نجدها في الكاميرات الرقمية ومشغلات الموسيقى والألعاب، ويتراوح عدد مرات شحن هذه البطاريات ما بين 500 إلى 1000 مرة.

أما بطاريات ليثيوم-أيون المستخدمة على نطاق واسع في الهواتف الذكية، فتتميز شواحنها بتطورها عن شواحن بطاريات النيكل، إذ إنها تستطيع تحمُّل زيادة الجهد الكهربائي. وتصبح هذه البطارية غير مستقرة إذا تم شحنها بطريقة خاطئة لفترة طويلة، إذ يترسب عنصر الليثيوم على قطب المصعد، بينما تصبح مادة المهبط غير مستقرة وتنتج غاز ثاني أكسيد الكربون، مما يؤدي إلى ارتفاع الضغط داخل البطارية.

ويُعد شحن بطاريات الهواتف الذكية من منفذ USB من الطرق التي يستخدمها كثير منا لتزويد هواتفهم بالطاقة اللازمة لاستمرار عملها. وقد عرف «المنفذ المتسلسل العالمي Universal Serial Bus USB» في عام 1996م، وهو يتميز بسهولة التعامل معه وأهميته في نقل وتخزين البيانات من وإلى أجهزة الحاسوب، وكذلك أهميته في تشغيل كثير من المعدات الملحقة بالكمبيوتر. وهو يتكون من أربعة أطراف توصيل محاطة بدرع، الأول والرابع يستخدمان في عمليات الشحن، والطرفان الأقصر طولاً في الوسط مخصصان لنقل البيانات.

وقد طورت خلال العقد الفائت تقنيات خاصة لشحن بطاريات الهواتف الذكية واللوحية والكاميرات الرقمية والتجهيزات الطبية وغيرها لاسلكياً، على غرار تقنية البلوتوث والواي فاي. وفي هذه التقنية، يستخدم المجال الكهرومغناطيسي لنقل الطاقة اللازمة لشحن البطاريات، حيث يضع المستخدم جهازه المحمول على قاعدة شحن، علماً أن تقنية نقل الطاقة في الهواء والفراغ ليست جديدة، وتعود إلى العالِمْ نيكولا تسلا، الذي قام بتجارب رائدة في هذا المجال في أواخر القرن التاسع عشر. ويتوقع المتخصصون أن تشهد هذه التقنية تطورات كبيرة خلال السنوات القليلة المقبلة.

بطاريات الطاقة الشمسية
زاد الاهتمام العالمي بالطاقة الشمسية كأحد المصادر المتجدِّدة للطاقة النظيفة. وأحد أهم التحديات التي تواجه تعميم الطاقة الشمسية يتمثل في تخزين الطاقة الكهربائية المحصودة خلال فترة سطوع الشمس من أجل استخدامها في الليل. وقد استخدمت بطاريات خاصة لتخزين الطاقة الكهربائية التي تنتجها الألواح الشمسية، ويعرف هذا النظام باسم Off» Grid Solar System».

ولتحقيق هذه الغاية، طوّرت عدة أنواع من البطاريات تعرف ببطاريات الدورة العميقة «Deep Cycle Batteries»، التي تتميز بقدرتها العالية على تخزين الطاقة خلال فترة سطوع الشمس وتفريغ هذه الطاقة طوال الليل. وتتراوح كفاءة هذه البطاريات بين 90 و95 بالمئة. وفي هذا النظام، يتم نقل التيار الكهربائي الناتج عن الألواح الشمسية إلى منظِّم الشحن الذي يعمل على تنظيم الجهد الكهربائي قبل نقله إلى بطارية التخزين.

لكن تظل بطاريات تخزين الطاقة الشمسية غالية الثمن، بسبب مقاييس صفائح الرصاص المستخدمة في صناعتها، وهي تتحمل عادةً 1200 دورة تفريغ كامل. ويتراوح العمر التشغيلي الافتراضي لتلك البطاريات بين 10 و12 سنة.

كم تستهلك بطاريات هواتفنا من الطاقة؟
إن مقدار الطاقة الذي يستهلكه الهاتف الذكي الواحد خلال سنة يعادل ما يكفي لتشغيل عشرة مصابيح كهربائية ذات قدرة 100 واط لمدة ساعة كاملة. وهذا قدر غير بسيط نظراً لتعداد الهواتف الذكية المتزايد.

فبطارية جهاز الآيفون مثلاً، تحمل شحنة مقدارها 1440 مللي أمبير في الساعة أي 5.45 واط في الساعة. وعند تفريغها بالكامل من الطاقة وإعادة شحنها بشكل كامل كل يوم وعلى مدار سنة كاملة، فإننا نكون قد شحناها بحوالي 2000 واط ساعة أي 2 كيلوواط ساعة، أي بتكلفة نصف دولار تقريباً سنوياً، أما أجهزة الكمبيوتر المحمولة فتستهلك حوالي 72 كيلوواط ساعة في السنة، ويعني ذلك أنك تستطيع أن تشغل تلك الأجهزة المحمولة، كهاتفك الذكي والجهاز اللوحي وجهاز الكمبيوتر المحمول لمدة عام كامل بحوالي عشرة دولارات فقط.

وتشير التجارب التي أجراها الباحثون للمقارنة بين استهلاك الهواتف الذكية للطاقة إلى أن هاتف الآيفون 5 يستهلك سنوياً 3.5 كيلوواط ساعة بتكلفة 0.41 دولار، بينما هاتف السامسونج نوع جلاكسي اس 3 فيستهلك سنوياً 4.9 كيلوواط ساعة بقيمة 0.53 دولار. ويدل هذا على أن استهلاك الطاقة في الهواتف الذكية الحديثة ضئيل جداً.

ثمن خطأ
كل من سافر بالطائرة مؤخراً، لا شك في أنه سمع ضمن توجيهات السلامة قبيل الإقلاع، أنه من الممنوع بتاتاً تشغيل هاتف إحدى الشركات، أو شحنه على متن الطائرة.
ففي تصنيع هذا الطراز الجديد من الهاتف، حصل خلل في تصميم بطاريته، أدى في حالات معدودة إلى احتراق البطارية والهاتف. وما إن شاع الخبر، حتى توقف الناس عن شرائه أولاً، ومن ثم أعلنت الشركة عن استرداده من الذين اشتروه، ولاحقاً، توقفها عن إنتاج هذا الطراز أو بيعه جملة وتفصيلاً، الأمر الذي تسبب لها بخسائر قدَّرتها بعض المصادر بما يفوق المليار دولار.

لكن أعداد تلك الأجهزة آخذة في التزايد بشكل فلكي. فمع نهاية هذا العام، ووفقاً لشركة «E – Marketer» سيكون هناك 2.16 مليار هاتف ذكي قيد الاستعمال في العالم. بعدما كان عدد الهواتف الذكية 1.3 مليار جهاز قيد الاستعمال خلال العام الماضي. وتتصدَّر الصين قائمة مستخدمي الهواتف الذكية تليها أمريكا ثم الهند. ويقدَّر أن تلك الأجهزة قد استهلكت من الكهرباء في عام 2012م ما يعادل استهلاك 54 ألف أسرة في دولة صناعية غنية.

ولا يقتصر الأمر على ما يتم استهلاكه من طاقة في بطاريات تلك الهواتف، بل إن الأمر يتجاوز ذلك. فالانتشار الهائل لتلك الأجهزة أدى إلى إحداث نشاط كبير جداً في تبادل البيانات عبر الإنترنت وما يترتب على ذلك من تشغيل مكثف لمراكز البيانات ووحدات التخزين والمعالجة. ففي عام 2011م زاد النشاط في حركة تبادل البيانات عبر الإنترنت الناتجة عن الهواتف الذكية ثلاثة أضعاف ما كان عليه الوضع في عام 2010م. ويتوقع أن يكون هذا النشاط قد نما في العام الجاري 17 مرة، وهذا يستهلك بطبيعة الحال مقادير هائلة من الطاقة الكهربائية، علماً أن مراكز معالجة البيانات في العالم تستهلك نحو 1.5 بالمئة من الاستهلاك العالمي للكهرباء.

مستقبل حافل
لقد شهدت صناعة البطاريات تقدماً كبيراً خلال القرن الحالي. وأصبحت هذه الصناعة التي يعود عمرها تقريباً إلى قرن ونصف القرن، تواكب الطفرة الهائلة في صناعة الأجهزة الكهربائية والإلكترونية المحمولة.

وخلال السنوات الماضية زاد الاهتمام بخلايا الوقود التي هي مصدر للطاقة الكهربائية النظيفة والتي تستخدم الهيدروجين كوقود يتحد مع الأكسجين الجوي لتكون الماء والطاقة الكهربائية. وقد عرفت هذه الخلايا منذ عام 1938م وتم استعمالها في البرامج الفضائية في عام 1960م. وفي عام 1990م أجريت عليها تجارب مكثفة لاستخدامها في تسيير الحافلات والسيارات، ويتوقع أن يتم استخدامها على نطاق واسع في المنازل والمكاتب التجارية والمصانع وأن تعمل على وقود الميثانول العضوي.

من جانب آخر، استطاع فريق من الباحثين في معهد «Rensselaer Polytechnic Institute» الأمريكي في عام 2007م تطوير بطاريات رقيقة جداً ومرنة للغاية وخفيفة الوزن، عُرفت باسم «البطاريات الورقية»، التي تستطيع تشغيل كثير من الأجهزة الكهربائية والإلكترونية الحديثة بقدرة 2.5 فولت. وهي تتركب من أنابيب كربون متناهية الصغر Carbon Nanotubes مغطاة بلوح رقيق سيليلوزي مغطى بطبقة من مادة موصلة للأيونات، وتمتاز بمقاومتها لدرجات الحرارة العالية حتى حدود 150 درجة مئوية، ويبلغ سمكها نصف ميليمتر فقط، كما أنها ذات كفاءة تشغيلية جيدة.

كذلك يسعى الباحثون في جامعة ولاية ميسوري إلى تصميم نوع جديد من البطاريات قادرة على إنتاج طاقة أكثر بمليون مرة من البطاريات التقليدية، وعمرها التشغيلي عشرات السنوات وذات حجم صغير لا يتعدى حجم قطعة النقد المعدنية، وقابلة للشحن أيضاً وتعرف باسم «البطاريات النووية»، ويتوقع أن تستخدم في كثير من التطبيقات ابتداءً من الهواتف الذكية وحتى السيارات الكهربائية والشاحنات، وهي تعمل بالنظائر المشعة وأشباه الموصلات السائلة، وتعد بعالم قد لا نحتاج معه لإعادة الشحن أبداً.

 

أضف تعليق

التعليقات