أكثر من رسالة

أكثر من رسالة

قصائد استحضرها ملف “النافذة”

في العدد الثالث من المجلد 66 الصادر في (مايو/يونيو 2017)، خصَّصت القافلة ملـف العدد لموضوع النافذة.
والحق أنّ روعة الموضوع نفسه انتظمت مع المادة المكتوبة فَفُتحت نوافذ وآفاق عديدة حول هذا الموضوع الأنيق.
وقد استدعى هذا الموضوع إلى الذاكرة عدداً من القصائـد، والأشعــار لكثيـر من الشعــراء، التي أتت على ذكــر النافــذة (الشُبّاك/…)، بل وتناولتها في موضوعات ومعـانٍ فريدة للغاية، ودلالات عميقة. وقد ظلّت حتى اليوم تتردَّد في سمعي، وأسماع غيري.
وقد اخترت لكم قصائد لشعراء معاصرين سعوديين، قد يكون من المحتمل أن كثيراً لم يقرأها ويستمتع بها.
هنا مقطع من قصيدة للشاعر المُجيد علي الدميني، بعنوان: (ما يُشبه النسيان)، أبدعت في غَرضها، واختصرت كثيراً من الكلام:
الباب لصق الباب،
والشباك لا يكفي لرسم تحية العشاق في الخشب العتيق،
وليس لي “نايٌ” لأرسل صوته في الريح كي تتعانق الأصوات)،
لا قمرٌ يطلُّ على سطوح الدار، ألمح ُ فيه وجنتها
و لا طفلٌ نحمّله الرسائل دون أن يدري، …

وتحضر قصيدة فريدة من عدّة أجزاء للشاعر أحمد ابن علي المنعي، بعنوان: (ذكريات على جدار الحي) وجّهها إلى الحي الذي يسكن فيه، وتحت عنوان “الشبابيك” كتب:
سُجونٌ ..
سُجونْ ..
وفي كُلِّ زِنزانةٍ ثَمَّ رُوحٌ ..
يُعَذِّبُها الصَّمْتُ حَدَّ الجنونْ ..
ويمتَصُّ منها رَحيقَ الحَياةِ ..
إلى أن تَجِفَّ ..
وتذوي كَمَا يَابِسَاتِ الغُصُونْ ..
تُطِلُّ الشَّبِابيكُ صَامتةً
فأقْرَؤُ فيها كَلاماً أليماً ..
عَمِيقَ الشُّجُونْ ..
لأنّ الشبابيكَ مثلُ العُيُونْ ..
وحِينَ تفيضُ الدموع بِها ..
وتهْمِيْ .. تَئِنُّ بأوصَابِها ..
إذا بالستائر تُرْخِي عليها قِماشاً غَليظاً ..
لئلا تبَوُح ..
لأنَّ الستائر مِثلُ الجفونْ !
أما قصيدة (غواية في المحطة) للشاعر جاسم بن محمد الصحيّح، فعبَّر عن صور مختلفة للنافذة:

قُبالةَ نافذةٍ للتذاكرِ مخنوقةٍ بالشجارْ
وقفتُ كمَا تقفُ العتباتُ محايدةً في الطريقِ
لِعلميَ أنّ الحقيقةَ ليستْ مُهذّبةً دائماً ..
كنتُ في سَأمي
أتمدّدُ خارجَ هذَا الإطارِ الذي يحتويني
وأضحكُ ملءِ المساحةِ ما بينَ أُذْنٍ وأُذْنٍ ..
وإذْ تتحاورُ كلُّ الشبابيكِ ما بينها
كنتُ أُصغي إلى وشوشاتِ الحوارْ
وعينايَ في ولَهٍ تذرعانِ الممرَّ السريعَ

وتقبلوا خالص التحيات والتقدير،،

أنوار محمد الحارثي
جدة


“ذكاء المدن”.. مجرد خدمة

كان التقرير الذي نشرته القافلة في عددها لشهري (مايو/يونيو) حول المدن الذكية من أبرز ما تضمَّنه ذاك العدد. ولكنه شكَّل مناسبة للفت النظر إلى مواقفنا من الأشياء الذكية، التي كثيراً ما نبالغ في التغني بها على حساب أمور أخرى. صحيح أن التقرير خلا من هذه المغالاة، ولكنه توقَّف عند شفيرها، لأنه لم يخلُ من نكهة الانبهار بذكاء المدن، حتى بدا ذلك الذكاء وكأنه القيمة الكبرى في مدن المستقبل.
فقيمة المدن الحقيقية تكمن في شخصيتها المبنية عبر الزمن، بكل ما في ذلك من تاريخ وتخطيط وعمارة وأسواق، وأيضاً نمط حياة أهلها وثقافتهم وما شابه ذلك. و”ذكاء المدينة” ليس هو ما يثير إعجابنا بباريس أو البندقية أو فلورنسا… ومهما “تذاكت” بعض المدن، فإنها لن تستطيع اللحاق بمثل هذه الحواضر الكبرى على مستوى حسن العيش فيها، أو حتى على مستوى الاستمتاع بزيارتها.
“ذكاء” المدن، يبقى مجرد “خدمة” مهما تعدَّدت جوانب هذه الخدمة. أي إنه يشبه العمل على النظافة في المدينة. لا بل سيبقى دون النظافة أهمية. والدليل على ذلك أن إحدى العواصم العربية التي كانت سبّاقة منذ تسعينيات القرن الماضي إلى التغني بذكاء إحدى المناطق التي طوَّرتها، فشلت مؤخراً في حل أزمة النفايات فيها. ولا يمكن لأي ذكاء في العالم أن يعزي أهلها.

وليد أبو جمرة
لبنان


الموهبة وحدها لا تكفي
قواعد فن الرسم

الرسم فنٌ جميل يخاطب البصر، مبني على مجموعة من المبادئ الجمالية التي شرع الإنسان في التنظير لها منذ آلاف السنين، ووضعت له ركائز عبر زمن طويل من التجارب الجمالية التي خاض فيها الفنَّانون على مر العصور. والحضارات. ولا شك في أننا جميعاً قد تبادرت في أذهاننا أسئلة متعدِّدة حول كيفية إنجاز هذه الأعمال والمراحل التي مرَّت بها حتى خرجت في شكلها النهائي المعروض أمام المتلقي؟
وهذه المراحل هي حسب الترتيب التالي:

أولاً: الفكرة
تنبع فكرة العمل الفني من الحالة الاجتماعية والنفسية والثقافية للفنَّان، فالرسم تعبيرٌ جميلٌ عن الذات الإنسانية وتفاعلاتها مع ما يحيط بها، والمضمون أو الموضوع هو الرسالة التي يريد الفنَّان إيصالها للمتلقي وقد تحمل خطاباً فلسفياً أو إنسانياً أو اجتماعياً… وتتنوُّع المواضيع والرسائل، بتنوُّع الأفكار، وهذا ما خلق عديداً من المذاهب والأساليب الفنية.

ثانياً: الخامات والأدوات
تعرف الخامة على أنها الوسيط أو المادة الأولية التي تشكِّل جسم العمـل الفني، كما أنها تضفي صفاتها عليه وتمنحه شكله النهــائي. فاللوحة لا يكـون لها وجود ولا يمكن إخراجها من دون الخامة المحقّقة لها، كأن تكون قلم رصاص، فحماً، ألواناً مائية، ألواناً زيتية، باستيل… وقد يستعمل الرسَّام أكثر من خامة في عمله.
وعلى الفنَّان فهم صفات الخامات التي يستعملها، والتمرُّن على خصائصها المختلفة كالليونة، البريق، الكثافة، الصلابة، السيولة، الشفافية… وعليه، فهذه المؤثرات الملمسية والحسية تخلق مؤثرات انفعالية تتكوَّن في نفس المتلقي عند وقوفه أمام اللوحة.

ثالثاً: التكوين (التركيب)
هو التخطيط الواعي والمدروس الذي يسبق الشروع في أداء العمل الفني، وهو التحكُّم في توزيع العناصر التشكيلية (النقطة، الخط، المساحة، اللون…) وفق مبادئ جمالية (الوحدة،التنوُّع، الانسجام، مركز الجاذبية، التوازن، التناظر، الحركة، الإيقاع …).

رابعاً: الشروع في العمل
للشروع في العمل يجب أن تكون فكرة العمل الفني قد اختمرت ونضجت في ذهن الفنَّان و أن يكون عارفاً بمبادئ فن الرسم، مثل:
الألوان: ثمّة كثير حول الألوان على الفنَّان معرفته ومراعاته في عمله، فللألوان صفات عديدة كالقيمة والشدّة… ولها تصنيفات، مثل: الألوان الأساسية، الألوان الثانوية، الألوان الثلاثية، الألوان المكمَّلة، الألوان المتضادة وغير ذلك.. فالألوان عِلْمٌ مستقلٌ بذاته، واستعمالها يجب أن يكون مدروساً فهي التي تبثُّ الروح في جسد اللوحة.
الظل والنور: الظل والنور هما اللذان يكسبان الرسم الواقعية، فبهما تبرز الأجسام ويكون لها حجم وعمق ومن دونهما يكون الرسم مسطحاً وميِّتاً. الظل والنور مرتبطان بالضوء ومصادره وبالأجسام وأنواعها (معتمة، شفَّافة، عاكسة…).
المنظور: إن الغاية من دراسة المنظور هي رسم الأشياء على سطح مستوٍ رسماً دقيقاً يعبِّر عن أشكال هذه الأشياء وأبعادها، ليس كما هي في الواقع بل كما تبدو لعين المشاهد في وضع معيَّن ومسافة معيَّنة. وللمنظور عناصر أساسيَّة، مثل: خط الأفق، خط الأرض، خط الارتفاع، النقطة المركزية، نقطة أو نقاط التلاشي… وله عدّة أنواع، مثل: المنظور ذو نقطة تلاشٍ واحدة، ويسمى المنظور الأمامي أو المتوازي، منظور ذو نقطتي تلاشٍ ويسمى أيضاً بالمنظور المائل، وغير ذلك كثير.
النسب والقياسات: في الرسم الواقعي والرسم بالنقل، لا بد من إدراك النسب وتحقيق التناسب في القياس. وهناك عدّة طرق لأخذ القياسات الصحيحة، أنسبها طريقة القلم والعين المغمضة مع مدّ الذراع، وذلك لأخذ وحدة القياس والعمل بها في كل الأشكال المراد رسمها، وذلك يكون بعد التأطير، أي تحديد الإطار أو الحيِّز الذي سيتم نقل محتواه.
إذا تمكَّن الفنَّان من التحكُّم بكل ما سبق ذكره من عناصر سينتج أعمالاً فنية ذات قيمة تُرضي المتلقي العادي والناقد المتخصِّص، فالموهبة وحــدها لا تكفي لإنتاج فنَّانٍ متكاملٍ بل يجب صقلها وتهذيبها بتعلُّم القواعد الفنيَّة الصحيحة، والتمرُّن المستمر والتجريب المتواصل.

فارح إلياس
الجزائر

أضف تعليق

التعليقات

عاشور فوزي الجزائري

السلام عليكم و رحمة الله ، أشكر الأخ فارح الياس على هذا الموضوع القيم و الذي أفادنا به أيما افادة و نتمنى له مواصلة المشوار مع مزيد من الموضوعات القيمة..