أكثر من رسالة

أكثر من رسالة

 

 

حول استخدامات الهاشتاق

الهاشتاق نظام موجود في بعض مواقع التواصل الاجتماعي، وأخص بالذكر موقع تويتر، لأن الهاشتاق بدأ منه، ثم لقي استحساناً وقبولاً من المستخدمين بسبب سهولة استخدامه وتناوله، فانتشر بدوره على موقع فيسبوك.

فالمهم في الهاشتاق هو أنه مصنّف هائل السرعة للكلمات المرتبطة بالمواضيع المختلفة الموجودة في مواقع التواصل الاجتماعي. وسرعة وصول الخبر أو المعلومة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا تضاهيها أي وسيلة أخرى.

ولذا أصبح الهاشتاق الأداة المحبوبة للمستخدمين، وحتى أصحاب الشركات وكل من لديه عمل جديد في التسويق والدعاية. حتى إننا رأينا في الآونة الأخيرة استخدام الهاشتاق في بعض القنوات التلفزيونية وذلك عن طريق وضع هاشتاق يحمل عنوان البرنامج أو المسلسل أو الفيلم المعروض حالياً، الذي بدوره يساعد في تنبيه مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بمواعيد البرامج التلفزيونية ومتابعتها.

أفاد الهاشتاق فئة كبيرة من المجتمع، لأنه وبكل بساطة المدخل السريع الذي يسلكه المستخدم لبلوغ غايته من البحث عن أي موضوع أو حدث، كما أنه أفاد كل مَنْ لديه عمل جديد في الترويج له؛ لمساعدته في جلب كمية هائلة من الزوَّار واكتساب عدد وافر من المتابعين.

ولكن، ومع الأسف الشديد، رأينا فكرة الهاشتاق خطرت على بال مروجي الشائعات والأخبار غير الموثوقة، وبالتالي فإن الهاشتاق هنا سيقوم بدوره المعتاد في التجوّل حاملاً معه جميع التعليقات والمشاركات من قِبل المستخدمين، لينتشر في جميع مواقع التواصل الاجتماعي.

كذلك توجد فئة من المستخدمين تقوم بنسخ هاشتاق مشهور ومعروف لكي تضعه مع الهاشتاق الذي يخصهم أو الخاص بالمنتج الذي يروجّون له، ليضمنوا بذلك أن كل من قام بزيارة الهاشتاق المشهور هذا سيلاحظ الهاشتاق الطفيلي الموجود معه وبالتالي سيكون البزنس أو المنتج وصل إلى فئة لا بأس بها من المستخدمين.

معتصم النور


علّة “أنا أو لا أحد”

كثيراً ما نشعر بأن العالم الأفضل والأسعد هو ذاك العالم المتمدد على صفحات القصص، حيث الأشخاص والأماكن التي نريد، قصص تبدو ممكنة ومستحيلة في آنٍ. وحقيقة الأمر هو أن تلك القصص ماهي إلا الجزء المفقود من نص الحياة الواقعية. هي المكمل الضروري لفهم الواقع وتجميله.تماماً كجلجامش الذي يحتاج إنكيدو حتى يتكامل ويستوعب واقعه، كما تروي ملحمة جلجامش.

وإذا اتفقنا على أنَّ هذه القصص هي الجزء المفقود من عالمنا، فإنها المكمـل للحيـاة التي تلينــا، هكذا كما وجدنا نحن أجزاءنا في كتب وفي أشخاص وتجارب سبقتنا، حتى نتمكّن من فهم نصنا الخاص.

النص الخاص بنا بصمة لا يمكن تكرارها تماماً، وإن تشابهت الانعطافات والحلقات. إنه سجلنا الفريد الذي صاغه معنا الآخر. ذاك الآخر الضروري لفهم الذات. قد يبدو من المؤلم وجود النقيض لأمر جميل نحبه، لكن الحقيقة أنه ما كنا لندرك هذا الجمال لولا نقيضه.

يقول الدكتور علي الوردي: الحياة عبارة عن تفاعل وتناقض وتنازع. ولولا ذلك لما كان هناك شيء اسمه حضارة أو مجتمع.

لكن من المهم فهم وإدراك هذه الحقيقة. أن لا تشابه ولا تطابق ولا سلام مطلقاً على هذه الأرض ولا يمكن ترويض البشر جميعاً لفكرة معيَّنة. علينا التعافي من علة (أنا أو لا أحد)، وأن نَعُد وجود الآخر تقدماً للبشرية. فهو ضمان الحضارة واستمراريتها، فالجزء المفقود قد يكمله آخر مختلف عنك، وتجربتك معه قد تكسبك الوعي لضرورة تهذيب بعض طباعك. ولكن لا تقلق. عليك أن تقلق عندما تعتقد بأنك النص الوحيد غير القابــل للتحريف. فلتكن نصاً مفتوحاً، نصاً بلا نهاية واحدة، نصاً يستطيع أن يكتبــه جلجامش وإنكيدو.

زهراء أحمد الفرج


الحكايات الشعبية

بين النصوص الأصلية ودور الأدباء في تطويرها

يحفل تراثنا العربي بسجل ضخم من الحكايات والقصص الشعبية التي حرَّكت قرائح المبدعين في العالم، فاستلهموا أكثرها في عديد من كتاباتهم التي أكدت عالمية الحكاية الشعبيـة العربيــة ومكانتها الرفيعــة فى سجل الإبداع القصصي العالمي إلى اليوم.

وينجذب الأطفال كثيراً للحكايات والقصص الشعبية بأحداثها الزاخرة بالبطولات الخارقة والعجائب المدهشة وأساليب التشويق والإثارة المختلفة التي ابتدعها الرواة في عصور مختلفة. وتؤكد الدراسات “أن التراث الشعبي وراء أكثر من ثلاثة أرباع قصص الأطفال وأن قرابة عشرين بالمئة من هذه القصص مكتوبة بطريقة الأدب الشعبي. ويرون أن الإبداع الكامل لا يتجـاوز خمسة في المئة من كتب الأطفال”. ونحن لو نظرنا إلى أطفالنا لوجدنا أن معظمهم محرومون اليوم من هذا التراث الشعبي من القصـص والحكايــات، دون أن نقدِّم لهم البديل المناسب.
الحال في الغرب
الدول المتقدمة فطنت لأهمية ربط أطفالها بموروثهم الشعبي من القصص والحكايات، وعملت على تقديم هذا الموروث في صورة جديدة معاصرة. ولعل أبرز مثال على ذلك حكايات “هانز كريستيان اندرسن” التي نسجها على منوال الحكايات التراثية التي جمعها الأخوان الألمانيان جريم في كتابهما “حكايات البيوت”. فهذه الحكايات في حقيقتها قصص للأطفال، ثم جاءت شركة “والت ديزني”، وحوّلتها إلى رسوم سينمائية متحرِّكة. وكذلك الأمر بالنسبة لحكايات الشاعر الفرنسي ” لافونتين”، الذي نظَّم مئة وأربعين حكاية عن الحيوانات، أخذ عدداً غير قليل منها عن حكايات كليلة ودمنة لابن المقفَّع.

ولم يكتفِ الغرب بذلك، بل سعى إلى تقديم قصص وحكايات تراثنا للطفل الغربي الذي يعرف اليوم حكايات علاء الدين والسندباد وعلي بابا بنفس القدر الذي يعرف به ميكي ماوس ودونالدوك واستريكس وساحر أوز وأليس في بلاد العجائب.
والحال عندنا
أما نحن فقد أهملنا تراثنا واعتبرناه تراثاً أثرياً لا يتماشى مع روح العصر. وغفلنا عن دور هذه الحكايات الشعبية في تغذية مخيلة الطفل وتنمية قدرته على الإبداع والابتكار، وهو ما قد أكَّد عليه أندرو لانج مؤسس علم الأساطير،الذي يقول عن الحكايات الشعبية: “إنها تثير الخيال وتوسع الآفاق وتثير العقول، فهي بهذا تعادل الأعمال الروائية لكبار الكُتَّاب. ومذاقها لدى أطفال عصرنا هو نفس مذاقها لدى الأجداد”. وهذا أيضاً ما أجمعت عليه الدراسات التربوية التي ترى أن دور هذه الحكايات ليس بالضرورة إيصال المعلومات للطفل، بل إن هناك هدفاً أكبر هو إشباع مخيلة الطفل وتحفيز ملكة الإبداع عنده.

إن حكاياتنا الشعبية مليئة بما يجب أن نقوله للطفل وبما لا يجب أن نقوله له، أو بما نقوله له بعد تعديله ليتلاءم مع سنّه. والنص الأصلي وليس المسؤول عن ذلك بل الكاتب والمبدع الذي يأخذ على عاتقه مخاطبة الصغار والوصول إلى عقولهم وتحويلهم من مجرد أطفال عاديين إلى مبدعين.
خلف أحمد أبوزيد
مصر

أضف تعليق

التعليقات