ورشة عمل

أتبني بيتاً.. لحظة من فضلك

الخطوات الأساسية قبل وضع حجر الأساس

ZAKI5133 altered2لأن بناء المسكن يشكِّل واحداً من تحديات العمر بالنسبة للفرد، ولأن الرضا عن المسكن يرتبط بسلسلة الخطوات التي تسبق الشروع في تنفيذ البناء.. عقدت القافلة، يوم 7 أغسطس في فندق الميريديان بالخبر، ورشة عمل بعنوان «أتبني بيتاً.. لحظة من فضلك. كيف تقرأ المخطط المعماري الخاص بمنزلك». أدارها المهندس المعماري الدكتور مشاري النعيم، وشاركه في إدارة جلستها الأولى المهندس حمد الشقاوي، رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للمهندسين، بحضور عدد من المهندسين والمستثمرين العقاريين والمهتمين.

يبدأ المسكن المثالي والخاص في ذهن الإنسان حلماً ثم يتحوَّل إلى مشروع. وفي مرحلة ما يبدأ تنفيذ المشروع على أمل أن يأتي على قياس الطموحات. ولكن، في أحيان كثيرة هي الغالبة، تتبدد تدريجياً بهجة الانتقال إلى المسكن الجديد بفعل أمور لم تؤخذ سابقاً في الحسبان. وكثيراً، ما تبدأ بعد ذلك ورشة أخرى، ألا وهي ورشة تعديل المسكن وإجراء التعديلات عليه. ويمكن لعدم الرضا عنه أن يصل إلى التخلي عنه والانتقال إلى غيره.

ZAKI5064الإشكاليات والتحديات والمنزلقات التي تُحيط ببناء المسكن الملائم وتهدِّد الرضا عنه هي أكثر من أن تُحصى. ولكن، بمراجعة متأنية لهذه الإشكاليات نجد أن معظم أسبابها يعود إلى ما قبل البدء بتنفيذ أعمال البناء. وهذا ما سعت القافلة إلى تسليط الضوء عليه في ورشة العمل هذه التي وصفها مديرها المهندس المعماري الدكتور مشاري النعيم بأنها: «رائدة، والأولى من نوعها. والمفاجئ فيها أنها تأتي من مجلة غير متخصصة، لتطرح قضية المسكن الذي يمثِّل إشكالية على صعيد توفره ومشكلة على مستوى الرضا عنه، وهذا ما لم يقم به أحد حتى المجلات المتخصصة».

بدأ الدكتور النعيم حديثه بالإشارة إلى أن الرضا عن المسكن يمثل مشكلة أكبر من مشكلة تأمين هذا المسكن. فهناك قول معروف من اليابان إلى أمريكا: «عندما ينتهي بناء المسكن يبدأ التغيير». وهذا ما لا يرغب فيه أحد، ولكن كثيرين يقومون به مرغمين. فالسكن حاجة أساسية مثل الطعام والشراب. والإنسان القديم سكن الكهوف كما سكن القصور لاحقاً. أما الرضا عن المسكن فهو خطوة متقدمة على المفهوم الذي يرى في المسكن مجرد ملجأ.

وعدم الرضا عن المسكن هو قضية عالمية، حتى إن هناك توجهاً جديداً في عالم تصميم المساكن يُعرف بـ «شبه استقلالية المسكن»، أي كيف يكون التصميم مطواعاً لتغييرات لاحقة بناءً على احتياجات مستقبلية أو غير متوقعة.

ZAKI5129ويضيف النعيم: إن أفلاطون كان يرى أن المسكن هو المقابل المادي لجسم الإنسان. ولذلك نجد كثيراً من الدراسات الغربية التي تناولت المسكن كتعبير عن شخصية الإنسان. ومثل هذه الدراسات قديمة جداً، وهي محاولة لفهم المسكن الملائم لهذا الشخص بالذات، وليست بذخاً أو ترفاً. إذ لا حلول جاهزة لكل مشكلات المساكن. ولكن هناك توجهات عامة تسمح بإيجاد الحلول لكل عائلة على حدة. فبناء المجمعات السكنية المؤلفة من وحدات متشابهة ولا تختلف عن بعضها إلا بتفاوت محدد في المساحات والأحجام، لزبائن غير معروفين يأتون لاحقاً، أثبت عدم جدواه أينما كان في العالم، حسبما يقول النعيم. وضرب على ذلك مثلاً حي الكلابية في الأحساء، حيث انتهت تجربة «البناء بالجملة» للمساكن إلى تعديلات كثيرة أجريت على معظمها. وبعض هذه البيوت هُدم بالكامل وأعيد بناؤه من جديد.

وعلى هذا الصعيد، فإن المشكلة ليست مشكلة تصاميم سيئة أو جيدة. ففي أمريكا، فشلت فكرة إقامة تجمع سكني ضخم صممه الياباني كنزو تانغي وهو واحد من أشهر المهندسين المعماريين في العالم، وهُدم بعد نحو سنة على تدشينه بعد تحوله إلى بذرة اجتماعية فاسدة. والسبب أن لم يُبنَ لشريحة محددة وفق احتياجاتها الخاصة. فالتصميم مسألة فردية. وهنا أوضح المهندس الشقاوي الفرق بين «البناء للناس»، ومفهوم «البناء مع الناس»، حيث يشارك المصمم صاحب المسكن العتيد رحلته في بناء هذا المسكن وفق احتياجاته ومعطياته الشخصية.

فمن أين تبدأ الرحلة كي تكون خواتيمها سعيدة؟

«الجار قبل الدار»
اتفق مديرا الورشة على أن الخطوة الأولى التي يجب أن تُدرس بتأنٍ هي اختيار موقع المسكن. وإن بدا هذا الجانب أولاً أمراً بسيطاً فإن إضاءته من قبل المتحدثين والمشاركين أظهرت أنه أكثر تعقيداً وأبعد أثراً على مستقبل المسكن مما يتوهم البعض.

يقول النعيم: إن اختيار موقع السكن لم يلقَ سابقاً أي اهتمام يستحق الذكر ولم يتم التفكير فيه كقضية. فكانت النتيجة أن متوسط عمر الحي السكني في المملكة أصبح ثلاثين سنة تقريباً، ثم يتدهور بعدها، ويُهجر لاحقاً لصالح مواقع جديدة أخرى، كما حصل مثلاً في هجرة السعوديين للخبر الشمالية.

تصميم المسكن
ملكية فكرية غير محمية

من الإشكالات التي يواجهها التصميم المعماري للمسكن، وأثيرت خلال الورشة، عدم وجود قوانين تحمي الملكية الفكرية لهذه التصاميم. بحيث يمكن لبعض تجار التصاميم أن يبيعوا التصميم الواحد لأكثر من جهة، ويمكن لمشتري تصميم جيد أن يمرره مجاناً إلى شخص آخر. في حين أن التصاميم المعمارية في أمريكا مثلاً ومعظم دول أوروبا، محمية قانوناً، ويُمنع استنساخها.

وبمجرد طرح السؤال حول الاعتبارات الفُضلى التي يجب الأخذ بها لاختيار موقع المسكن المزمع إنشاؤه، ظهرت عند المشاركين في الورشة مواقف مختلفة حتى حدود التناقض. فالبعض رأى بأهمية التجانس الاجتماعي والثقافي في الحي، في حين رأى آخر أن الاختلاط والتلاقي مع الآخر المختلف هو أفضل، ورأى ثالث أن الأفضل هو في الأرض الجديدة، حيث لا أبنية كثيرة في الجوار.. وبعد أن تشعَّب الحديث استطراداً إلى دور الأمانات في تخطيط الأحياء السكنية وتوفير الخدمات التي تجذب شرائح معينة من السكان، لخَّص النعيم هذا الجانب بقوله: إن اختيار موقع السكن هو مسألة ثقافية عند كل فرد. وكلما ارتفع المستوى العلمي والثقافي عند الفرد كان مستعداً للتحرر من ارتباطه بمكان معيَّن. ولكن الواقع القائم على الأرض يقول إن معظم الناس يفضلون التكتل ضمن مجموعات متشابهة ثقافياً واجتماعياً.. وهذه ليست خاصية سعودية، بل هي عامة. ففي أمريكا، تؤكد الدراسات أن الأمريكيين يعطون الأولوية لموقع البيت على باقي الاعتبارات. بحيث يرضون بالسكن في بيت صغير في حي جيد، على السكن في بيت كبير في موقع سيء.

ZAKI5034وفي هذا الصدد، قال النعيم: إن الانطباع عن صورة الأحياء في المدن هي ذات تأثير كبير على اختيار الموقع. فللإنسان القدرة على ربط الصورة التي يراها في مخزونه الذهني، ويميل إلى اعتماد الصورة التي تُعطي أفضل انطباع. ولهذا، فإننا نراه يقبل عادة في المسكن ما هو مقبول في مجتمعه، ولكنه عندما ينتقل إلى البيت قد تبدأ الإشكالات.

«الرضا عن المساكن أصعب من تأمينها».

وعلى الرغم من أن توافر الخدمات التي يحتاجها صاحب البيت وأفراد أسرته في محيط المسكن، تُعد من الشروط الضرورية التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند اختيار الموقع، وإشارة أحد المشاركين إلى أن المعايير المعتمدة عالمياً في هذا المجال، هي القدرة على الوصول إلى هذه الخدمات مشياً على الأقدام خلال خمس دقائق، فإن اختيار موقع المسكن يبقى مسألة ثقافية فردية، واختيار المواقع بمكانة اجتماعية معينة، وإن كان مستحباً مبدئياً من الكثيرين، لا يجب أن يتم على حساب الميزانية، ولا على حساب وظيفة البيت واحتياجات سكانه المختلفة.

الميزانية وحُسن التدبير بها
ZAKI5063 على الميزانية المخصصة لبناء المسكن أن تتحدد بالتزامن مع اختيار موضع البناء. بحيث لا يبتلع اختيار الموقع معظمها ولا يترك ما يكفي لإنشاء المسكن الجيد. ولأن معظمنا يبني اليوم بيوتاً وفقاً لميزانيات محددة سلفاً، فإن تحديدها يقتضي التوقف عنده ملياً.

فالميل الفطري إلى بناء مسكن بأقل تكلفة ممكنة، ليس بالضرورة سليماً. فالمسكن هو «مشروع عمر» كما يُقال. ولذا فإن المبالغة في عصر الميزانية لن يؤدي إلا إلى إنشاء «ملجأ» بدل «بيت العمر».

قديماً، كان صندوق التنمية العقاري يمنح قروضاً سكنية بقيمة 300 ألف ريال لكل منها، وكان هذا المبلغ يكفي لبناء المسكن ويزيد. أما اليوم فإن هذا القرض الذي ارتفع إلى 500 ألف ريال لم يعد كافياً لذلك. فقد ارتفعت أسعار الأراضي ومواد البناء وتكلفة اليد العاملة، حيث إن الميزانية المرصودة لبناء المسكن باتت تشكل تحدياً حقيقياً للكثيرين. وكما أشار أحد الحاضرين إلى أنه وفقاً لمبادئ الاقتصاد السليم، يجب أن تكون نسبة %25 من مرتب شخص لمدة عشر سنوات كافية لإنشاء مسكن أو شرائه. وهو أمر غير محقق عالمياً.

عمل المصمم المعماري ضمن إطارين
إن وجود مستوىً معيّنٍ من التجانس الاجتماعي والتوافق في القيم الاجتماعية لا يعني وجوب أو إمكانية توحيد المساكن للجميع. ولذا على التصميم المعماري كما أشار المهندس النعيم، أن يأخذ بالحسبان العناصر التي تجتمع ضمن إطارين:
الإطار الأول: ما هو مشترك بين أبناء هذا المجتمع.
والإطار الثاني: هو الإطار الفردي الذي يميِّز الفرد عن باقي أفراد المجتمع، أي احتياجاته وما يبغيه من بيته وأفضلياته وأولوياته.

إن تحديد الميزانية وتدبرها يجب أن يقوم أولاً على البرنامج الوظيفي للبيت، وعلى ما يتطلبه التوازن بين تكلفة الموقع وهذا البرنامج الوظيفي، والحد الممكن (أو المفروض قانوناً) لجهة الشكل والصورة الاجتماعية والجمالية. وغالباً ما يكون من الصعب على صاحب المسكن أن يقدِّر بنفسه هذه الميزانية بدقة، بحيث تحقق له مشروعاً كاملاً. وهنا يأتي أول أدوار المصمم المعماري، وهو مساعدة صاحب المسكن على تحديد هذه الميزانية الملائمة وجوانب صرفها، بحيث يتحقق المسكن المُرتجى. لأن الإتيان بميزانية محددة إلى المصمم والطلب إليه تنفيذ مسكن بمواصفات، هي عادة طموحة أكثر من الميزانية، لن يؤدي سوى إلى المساومات على المواصفات ومخطط المسكن وغير ذلك من المفاجآت غير السارة والطرق المسدودة.

عدم دراسة مواقع بناء المساكن، هو ما جعل متوسط عمر المنطقة السكنية في مدن المملكة نحو 30 عاماً فقط

وفي إطار مناقشة هذا الجانب في مداخلات الحضور، أشار المهندس سامي الحداد إلى أن تحديد الميزانية يقوم على ثقافة الفرد. والمشكلة الأساس تكمن في غياب مؤشر سعر البناء. فمن العناصر الأساسية التي تحدد الميزانية هناك البرنامج الوظيفي للبيت، كما أن قنوات التمويل المختلفة تلعب دوراً آخر. أما محمد الأبيض الذي يعمل في الاستثمار العقاري، فأبدى ملاحظة أخرى وهي أن كثيرين من الراغبين في تملك البيوت صاروا يخضعون لرأي صاحب المكتب العقاري للشراء هنا أو هناك، وفق الميزانية المحددة لشراء بيت، أي بيت، أو أفضل ما يشتريه هذا المبلغ.

ZAKI5092أشار النعيم في حديثه إلى أن المساكن السعودية شهدت تحولات كبيرة خلال العقود الثلاثة الأخيرة. فمنذ تسعينيات القرن العشرين، بدأت تظهر البيوت الصغيرة المدروسة. إذ قبلها، كانت المجالس الضخمة تشغل نحو %40 من مساحة المسكن، على الرغم من أنها ما كانت تستعمل إلا مرَّات قليلة في السنة. وكانت البيوت محشوة بفضاءات وغرف ومساحات لا وظيفة حقيقية أو لا حاجة لها. ولكن بسبب «الضائقة» الاقتصادية وارتفاع أثمان الأراضي وتكلفة البناء، جاءت الأعمال الجديدة مدروسة ومتعقلة أكثر. ولكننا لا نزال بعيدين عموماً عن المنهج السليم في التخطيط لبناء المسكن الذي يستحق الرضا عنه على المدى الطويل.

دور التصميم المعماري
هو الأهم.. ويبقى الأصغر!

وفقاً لمبدأ أو شعار «البناء مع الناس» (وليس للناس)، يفترض في المصمم المعماري أن يكون شريك صاحب المسكن منذ بدء التفكير في البناء. فإضافة إلى دوره المساعد في اختيار الموقع الملائم وتحديد الميزانية الملائمة، فإن التصميم الجيد هو العامل الأساس في استحواذ المسكن على رضا صاحبه على المدى الطويل. وهو ما يجعل البيت بيتاً وليس ملجأً مؤقتاً، وهو يشكِّل قيمة مضافة إلى قيمة العقار. فالتصميم الجيد يبقي البيت جيداً حتى ولو كان تنفيذه الإنشائي سيئاً، أما التنفيذ الجيد لتصميم سيئ فيبقي البيت سيئاً. ولكن، ما الحاصل عندنا؟

الخطوات الثلاث التي تتوقف عليها جودة المسكن: اختيار الموقع الملائم، وتحديد الميزانية الملائمة، والتصميم الجيد
المصمم الجيد هو شريك لصاحب المسكن في بنائه، وعلى دوره يعوَّل الكثير. ولكن…

خلال بحث ميزانية المسكن، أشار المهندس الشقاوي إلى أن أحد أوجه مشكلة بناء المساكن تكمن في عدم تقدير قيمة الدور الذي يلعبه التصميم المعماري، وبدل أتعاب المصمم. بحيث تدنت هذه القيمة حتى خمسة آلاف أو ثلاثة آلاف ريال، في مكاتب تبيع تصاميم جاهزة مُعدَّة سلفاً لأي كان. حتى إن التصميم الجيد صار حكراً على البيوت الكبيرة، (علماً بأن البيوت الصغيرة قد تكون بحاجة إلى التصميم الجيد أكثر من الكبيرة).

ومقابل هذا «الاستخفاف» النسبي من قبل بناة المساكن بأهمية الدور الذي يمكن للمصمم أن يلعبه، هناك «فتور» عند المصممين المعماريين للعب دورهم كاملاً على صعيد المساكن.

تتراوح قيمة التصميم المعماري الجيد للمسكن من قبل مصمم ناجح ما بين %15 من تكلفة المسكن الصغير، وتتدنى حتى %3 إذا كانت تكلفة البيت كبيرة (فوق عشرين مليون ريال مثلاً). وفي حين يرى بعض بناة المساكن أن هذه التكلفة كبيرة، ويمكنهم توفيرها باللجوء إلى مكتب يبيع خرائط جاهزة بخمسة آلاف ريال، يرى المصممون المعماريون أنها «لا تستحق عذاب النفس».

مديرا الورشة
ZAKI5106 أدار الورشة الدكتور مشاري النعيم، وهو من المهندسين المعماريين اللامعين في المملكة، وأستاذ جامعي في النقد المعماري. له عديد من الأبحاث والدراسات في مجال التراث العمراني وقضايا فن العمارة والتخطيط. يعمل حالياً مشرفاً على مركز التراث العمراني الوطني ضمن الهيئة العامة للسياحة والآثار. وشاركه في إدارة جلستها الأولى المهندس حمد الشقاوي، رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للمهندسين، ZAKI5105العاملة على الارتقاء بالمهنة وتمكين المهندسين والمؤسسات الهندسية من الوصول إلى الحلول المثلى للقضايا التي يواجهونها، وتشجيع الإبداع والابتكار بما يخدم احتياجات المجتمع، وتحفيز المنشآت الهندسية السعودية والمهندسين السعوديين وتنمية مقدراتهم التنافسية.

وشرح الدكتور النعيم هذا الجانب من المسألة بقوله: إن الهندسة المعمارية هي فن وعمل اقتصادي في الوقت نفسه. والمشكلة عندنا هي في اختلال الميزان بين هذين العاملين. فالمصمم المعماري يفضِّل العمل على تصميم برج مكاتب على بناء مسكن. أولاً لأن العائد الذي يجنيه من تصميم البرج هو أكبر بكثير من عائد تصميم المسكن، كما أن تصميم الأبراج يترك له حرية للإبداع أكبر بكثير من الحرية المتروكة له في تصميم المساكن. إضافة إلى كونه سهلاً نسبياً؛ لأن بناة الأبراج المكتبية هم أقل تدخلاً في سير عمل المصمم من بناة المساكن. ولهذا نرى في ناطحات السحاب والمباني الكبيرة التي تُقام اليوم في مدن المملكة إبداعاً فنياً ومعمارياً أكبر بكثير مما نراه في المساكن الجديدة.

والحل؟
أشار النعيم إلى الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية التي يجب أن يتحلى بها المعماريون. وأشار آخرون إلى وجوب وضع التنظيمات والتشريعات التي تُخرج «مصممي الشنطة» من سوق البناء. ولكن حل الجزء الأكبر من هذه الإشكالية هي في تنمية الوعي عند باني المسكن بأهمية اختياره للمصمم المعماري، وبالتطلع إليه كشريك، لا كبائع رسوم. وعلى التعاون مع المصمم، والتأني في اتخاذ القرارات المتعلِّقة بالموقع والميزانية والتصميم، يتوقف الرضا الدائم عن المسكن. إذ لا عودة إلى الوراء بعد ضربة المِعْوَل الأولى في البناء.

قالوا في الورشة
ZAKI5130– سامي الحداد (مهندس): لامست الورشة الإشكاليات والقضايا التي يواجهها الإسكان والسكن على المستويين العقاري والفردي، من جوانب عديدة بدءاً من اختيار الموقع والتصميم.. ولا شك أن مداخلات المشاركين كانت ثرية جداً. وأقترح تعميق محاور الورشة باستدعاء مزيد من روَّاد التطوير العقاري والإسكان والتصميم.- عبدالعزيز جار الله السنيدي (معماري): الورشة كانت جيدة. ولكني كنت أتمنى توحيد عناوين المحاور بما يتناسب معها، بحيث تغطي جميع الموضوعات التي تندرج تحت كل محور.- عبدالله حسن شهاب (مستثمر عقاري): أفادتني الورشة على صعيد الاختيار الأسلم للموقع وللمقاول وأهمية الإشراف على البناء والتركيز على الجودة. وأقترح تركيزاً أكبر على عنوان الورشة: «كيف تقرأ المخطط المعماري؟».- المهندس ناصر محمد آل ظفر (مدير إدارة خطط التنمية): محاور الورشة كانت ممتازة، والمشاركون كانوا على كفاءة عالية. ومن الأمور الجديدة التي تعلمتها ضرورة إيجاد التشريعات التي تواكب تطلعات المجتمع، وإيجاد البدائل التنظيمية لتثقيف المجتمع حول دور المكاتب الهندسية والمقاولين.- إبراهيم حسن آل قوأحمد (مستثمر عقاري): أضافت هذه الورشة إليَّ معلومات كثيرة على مستوى اختيار المكان المناسب للبناء، كما استفدت أيضاً من تجارب المشاركين وآرائهم، ووفرت لي فهماً أعمق لبعض الأنظمة والتشريعات الإدارية.ZAKI5114– صالح عبدالله الحايك (رجل أعمال): لقد تمت مناقشة كل المشكلات بكل حرية، وتعرفنا إلى قنوات لإيجاد الحلول. ومما تعلمته من الورشة هو أسباب التحول الاستراتيجي في سوق العقار وسبب الغلاء فيه، والتغير العمراني غير المقنع على مستوى بناء منزل العائلة. وأقترح عقد ورشة أو لقاء خاص على مستوى رؤساء الأمانات لبحث حلول قضايا السكن.

– محمد سلمان الأبيض (مستثمر عقاري): الورشة كانت مفيدة في المساعدة على اتخاذ بعض القرارات المناسبة واختيار المقاول والمكتب الهندسي ذي الخبرة الكبيرة. وأقترح تحديد المحاور والتركيز عليها، وتحديد وقت للمداخلات.

أضف تعليق

التعليقات

Elie Rizkalla

Very nice article!

علي الوهيبي

موضوع مهم تمت كتابته بصورة شيقة, وفقكم الله الى الخير والنجاح وكتابة الجديد والمفيد.

مناير

ورشه رائعه وارجو ان تخرج بحلول ، انا اعاني من غلاء المكاتب المتميزه على اني اراها تقلد بعض في بناء سكن عائلي وكل مكتب سعره معقول اتمنى ارى الابداع في تصميم ارضي الصغيره ولكني لاجد الا نسخ لصق ولا زلت