فكرة

آلة تصوير

من القش

تصنع آلات التصوير عادة  باستخدام الهندسة الدقيقة والإلكترونيات المتقدِّمة والبرمجيات المكتوبة بعناية. ولكن ماذا لو كانت آلة التصوير مصنوعة من أنابيب قش الشرب “Drinking Straw” المصفوف بعناية؟
هذه هي الطريقة التي لجأ إليها الفنَّانان مايكل فاريل وكليف هاينز، اللذان استخدما ما يمكن أن نسميه بـ”صفائف بصرية”، أو في مصطلحات مألوفة أكثر، حوالي 32000 وحدة من قش الشرب مصفوفة بتناسق دقيق وموضوعة في علبة خشبية لتحل محل العدسة في آلة التصوير العادية. ولتفعيل عملها، وضعا ورقة فوتوغرافية وراء جانب واحد من العلبة الخشبية، ووجّها الجانب الآخر نحو المشهد المطلوب تصويره. ومن دون أي جهد آخر تنتج عن آلة التصوير هذه صور تتكوَّن من كثير من الدوائر الصغيرة، التي يمكن اعتبارها تماماً مثل وحدات البكسل الموجودة في آلة التصوير العادية بما أن كلاً منها يمثل متوسط الضوء الذي يدخل من الجانب المفتوح لقشة الشرب. وتظهر الصورة النهائية  من خلال عدد منتظم من الدوائر الملتصقة ببعضها بعضاً، على الرغم من أن هناك عدداً قليلاً جداً من الفواصل التي تتخلّل انتظامها.
من النظرة الأولى، قد يبدو كل هذا وكأنه فكرة بسيطة لا جدوى منها. وقد تكون لهذه الصور جاذبية معيَّنة، ربما بسبب استخدام المستحلبات الكيميائية  الضوئية لتسجيلها. ولكن ما هو مثير للاهتمام حقاً هو الهندسة التصويرية التي تنتج عنها.
فآلة التصوير التقليدية تنتج صورة تطبع المشهد من نقطة واحدة في الفضاء. وبذلك، فهي تشبه إلى حدٍّ كبير العين البشرية التي تنتج  أساساً صورة ثنائية الأبعاد لمشهد ثلاثي الأبعاد. ولكن آلة التصوير المصنوعة من القش تعمل بشكل مختلف إلى حدٍّ ما، لأن كل الأنابيب الفردية لقش الشرب تفرض وجهة نظرها الخاصة على مجال الصورة التي تلتقطها. مع وضع وحدات القش بطريقة موازية تكون النتيجة إسقاطاً متساوي القياس تقريباً للمشهد الأصلي، أي الذي لا يغيِّر حجم الأشياء على مسافات مختلفة. وعلى الرغم من أن آلات التصوير التقليدية يمكنها أن تقترب من تحقيق ذلك بواسطة عدسات طويلة جداً، فإن الآلة المبتكرة قادرة على أن تنتج شيئاً يقترب بشكل وثيق من الصورة أياً كان المنظور التي تُلتقط  منه.
من الصعب الجزم بأن آلات التصوير المستقبلية ستستفيد من هذه الطريقة المباشرة في التصوير. فالنقص في تركيز الصورة والحساسية بالنسبة للمد سيضمن على الأرجح هيمنة التقنيات الحالية. ولكن من يدري فقد يحمل المستقبل أفكاراً وابتكارات متقدِّمة مستمدة من آلة التصوير بالقش مع كل بساطتها وبُعدها عن التعقيد. كما أنه لا شك في أن تجارب فاريل وهاينز أنتجت “فناً” قد يسعد كثيرين.

أضف تعليق

التعليقات