حياتنا اليوم

وديع فلسطين
الكبير الذي لا يزال شاباً!

  • 67c
  • 67d
  • 66a
  • 67a
  • 67b

واحد من أعلام الصحافة والترجمة في مصر والوطن العربي. بدأ عطاءه المهني قبل ثلاثة وستين عاماً. ولا يزال يعطي وقد ناهز الثانية والثمانين من العمر. عرف مجلة القافلة وعرفته منذ سنواتها الأولى، وكانت له بصمات واضحة على مسيرتها. إنه وديع فلسطين، الذي ننقل هنا طرفاً من صورته الكبيرة..
لسبب معلوم، يفاجأ البعض، وخاصة من الجيل الصاعد، عندما يعرف أن وديع فلسطين مصري الجنسية. فهو من مواليد مركز أخميم في صعيد مصر، ومن أبوين مصريين. أكمل دراسته في الجامعة الأمريكية في القاهرة حيث تخصص في الصحافة، وتخرج وعمره 18 عاماً و9 أشهر حاملاً درجة البكالوريوس، وهو العمر نفسه الذي يبدأ به الطلاب حالياً دراستهم الجامعية.

بداياته في الصحافة
كانت بداياته المهنية في صحيفة “الأهرام” حيث عمل في إدارتها ثم عمل مفتشاً للتوزيع بين عامي 1942 و1945م، انتقل بعدها إلى صحيفة “المقطم” حيث عمل في كل أقسامها. وحول تلك الفترة يقول: “استدعاني ذات يوم فارس باشا نمر، وكان وقتها في الـ 95 من عمره، وطلب مني أن أكتب افتتاحيات الصحيفة. وكانت مسؤولية كبيرة، إذ أن عمري وقتها لم يكن يتعدى 25 عاماً، وكان رئيس التحرير عمره 75 عاماً”.

سارت الأمور على ما يرام إلى أن اشتدت التهديدات الموجهة ضد “المقطم” نتيجة ما كان يكتبه في الافتتاحيات من وجهات نظر، ثم انتهت إلى إغلاق الصحيفة في أواخر عام 1952م. بعدها ترأس فلسطين مجلة “الاقتصاد والمحاسبة” التي كان يصدرها “نادي التجارة الملكي” (نقابة التجاريين حالياً)، واختير عضواً في الهيئة المشرفة على تحرير مجلة “التربية الحديثة” الصادرة عن الجامعة الأمريكية في القاهرة بعد وفاة مؤسسها. كما كان عضواً في الهيئة المشرفة على تحرير مجلة “الطالبة” إلى أن احتجبت في عام 1968م. وبين عامي 1948 و 1957م درّس علوم الصحافة في الجامعة الأمريكية في القاهرة، وكان من ضمن تلامذته الكاتب لويس غريس والفنانة لبنى عبدالعزيز. ومنذ تأسيس “مركز الأهرام للترجمة”، احتل فلسطين فيه صفة استشارية. وامتدت خبرته في الترجمة إلى المحافل الدولية.

في القافلة
كان وديع فلسطين كبير المترجمين أمام محكمة دولية خلال بتّها في خلاف نفطي كانت أرامكو طرفاً فيه. وقد لاحظ المسؤولون في الشركة كفاءة هذا المترجم. وفور انتهاء عملية التحكيم، عرضوا عليه العمل مديراً للعلاقات العامة في مكتب الشركة في القاهرة، فوافق على الفور، وكان ذلك في عام 1956م، ليبدأ مشواره مع مجلة القافلة ابنة الثلاث سنوات آنذاك.

لعب وديع فلسطين دوراً مهماً في تطوير القافلة خلال سنوات قليلة من نشرة توعوية وتوجيهية، كما كانت في أعدادها الأولى، إلى منبر لمع في عالم الثقافة على امتداد الوطن العربي بأسره. فبحكم موقعه في القاهرة، عهدت إليه إدارة المجلة استكتاب كبار الأدباء والكتّاب المصريين. وبالفعل راح فلسطين يستكتب أشهر الأسماء في عالم الأدب والثقافة، لم يكن عبّاس محمود العقاد إلا واحداً منها، “فكان المبلغ الذي يتقاضاه العقاد نظير المقال الواحد 50 جنيهاً مصرياً، وهو مبلغ طائل بمقاييس الخمسينيات من القرن الماضي” على حد قوله. ويضيف: “وتوسعت المجلة وبدأ كتّاب من لبنان وسوريا والعراق يكتبون في أعدادها بصفة دائمة. وكانت المجلة توزع في مصر على أساتذة الجامعات والكتّاب والمثقفين. وظلت تنتقل من نجاح إلى آخر”. وبقي فلسطين في عمله هذا حتى إغلاق مكتب أرامكو في القاهرة في منتصف السبعينيات من القرن الماضي.

مع الأدب والأدباء
وانتسب وديع فلسطين إلى عدد كبير من الهيئات والجمعيات الأدبية. فأنشأ مع الشاعر الدكتور إبراهيم ناجي “رابطة الأدباء” عام 1935م، وتوالى انتخابه نائباً لرئيسها حتى توقفها عام 1952م. وكان عضواً مؤسساً في رابطة “الأدب الحديث”، وهو عضو في اتحاد الكتّاب المصريين منذ عام 1981م، وعضو في نقابة الصحافيين المصريين منذ عام 1951م، كما أنه عضو في “مجمع اللغة العربية” الأردني منذ عام 1988م، وعضو لجنة تنسيق الترجمات التابعة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الملحقة في الجامعة العربية، بالإضافة إلى عضويته في الهيئة الاستشارية لمجلة “الضاد” في حلب.

اسمه على أغلفة عشرات الكتب والتراجم أبرزها ترجمة مسرحية “الأب” للأديب السويدي أوغست سترندبرغ، و”قضايا الفكر في الأدب المعاصر” طبع ثلاث مرات، و”فلسطين في ضوء الحق والعدل”، مترجم عن المشرع الفلسطيني هنري كتن، و”جعفر الخليلي والقصة العراقية الحديثة” ترجمه عن المستشرق توماس هامل وشاركه في الترجمة الدكتور صفاء خلوصي، وحقق ديوان “الإنسان الجديد” للشاعر الدكتور أحمد زكي أبي شادي، وديوان “النيروز الحر” للشاعر أبي شادي، و”أشعار أبي شادي المجهولة”.. وكتب كذلك “ناجي: حياته وأجمل أشعاره”، و”مي: حياتها وصالونها وأدبها” و”مختارات من الشعر المعاصر وكلام في الشعر”، والأحدث هو “وديع فلسطين يتحدث عن أعلام عصره” جزءان. وقد حصل على العديد من الجوائز، أبرزها جائزة فاروق الأول للصحافة الشرقية عام 1949م، كما مُنح وسام الاستحقاق المدني من طبقة كوماندور من حكومة إسبانيا عام 1952م، ومنحته الجامعة الأمريكية في القاهرة ميداليتها الذهبية عام 1994م.

وديع.. اليوم وغداً
كان لوديع عشرة إخوة وأخوات، لم يبق منهم اليوم غير خمسة. وبعد زواج ابنه وابنته بات يعيش وحيداً في بيته في ضاحية مصر الجديدة بالقاهرة. وما زال محاطاً بالكتب من كل جانب، ويعمل حالياً على عدد من الترجمات، مفضلاً العمل داخل البيت على الخروج منه بعد ما “تبدل الزمان وتغير البشر”.

ورغم أنه يعيش وحيداً فبيته في غاية الترتيب والتسيق، إذا استثنينا الكتب والمجلات التي تنتشر أينما كان. يقول إنه أحياناً يعاني إذا أراد أن يبحث عن كتاب بعينه، ويجد أنه من الأسهل أن يشتري نسخة أخرى بدلاً من أن يقلب المكان رأساً على عقب. أما المشكلة الرئيسة التي تواجهه في عمله الحالي في مجال الترجمة فهي افتقار القواميس إلى المعاني المطلوبة للألفاظ والمفردات الجديدة التي تطل علينا كل يوم، مما يضطره إلى الابتكار. فهو مثلاً أول من استخدم مصطلح “التنمية المستدامة” بدلاً من “التنمية القابلة للاستدامة” التي كانت تستخدم سابقاً. ورغم أن وديع فلسطين ينتمي في الحيز الأكبر من عمره وعطائه إلى زمن مضى يختلف كثيراً عمّا هو عليه عالمنا اليوم، إلا أنه يحتفظ دائماً بابتسامة تعينه على التعامل مع الحاضر، ويتطلع بها إلى الغد.

أضف تعليق

التعليقات

والله زمان

وديع فلسطين هوالذي قادني إلى موقع مجلةالقافلة بعدأن كتبت اسمه في جوجل..مجلة القافلة أظنها ليست بالغريبة علي..تُرى هل هي التي كنت أقرأها وأنا في الإيتدائية والتي كانت تحت مسمى قافلة الزيت..الله أعلم.

xena

تحية لكم
مجلة تحمل الكثير من الثراء المعرفي
من كاتب المقال؟

    محرر القافلة

    نشكرك على مشاعرك النبيلة.
    وبالنظر إلى إن المقالة منشورة في عام 2005م، ولم تذيل باسم كاتبها، فيظهر أن الكاتب هو أحد محرري المجلة في حينه.
    وبالنظر إلى فارق الزمن، فسنحاول أن نبحث عن ذلك الكاتب ، ونفيدك باسمه.