منتج

الكتاب الإلكتروني

Kindle-DX-graphite-Angle-Handحين جاء الكتاب الإلكتروني قبل عقد تقريباً، ظننا أنه سيفشل ولا أحد سيقرأ كتاباً من الشاشة. لكن سهولة الوصول للكتاب بنقرة على بضعة أزرار وأنت مستلقٍ على سريرك أصبحت مغرية للكثيرين. خاصة مع زيادة عدد الكتب الإلكترونية على الإنترنت والمكتبات المجانية العملاقة التي تقول لكل من يبحث عن كتاب «هيت لك».
تخطت مبيعات الكتب الإلكترونية مبيعات الكتب المطبوعة لأول مرة عام 2011م بنسبة %61 لصالح الإلكترونية، بعد سنوات أربع فقط من ظهور القارئ الإلكتروني. وبدأت الشكوك بانقراض الكتب الورقية بالظهور حينئذٍ.
سهولة الوصول ووجود الكتب في الأجهزة المحمولة بأنواعها وكثرة الكتب المجانية – يوجد منها 101,505 في متجر كندل وحده، ومليون أخرى في مكتبة كوبو – شجعت مزيداً من القراءة خاصة للشباب الذين يستثقلون حمل كتاب ورقي ينسونه في السيارة أو المقهى. وفكرة حمل كتب الجامعة والمدرسة معك في جهاز لا يتعدَّى وزنه 700 جرام مغرية جداً أيضاً. فزاد انتشار الكتب الإلكترونية وقلَّ شراء الكتب الورقية.
دور النشر غيرت تكتيكها لاستقطاب الشباب بتطبيقاتها للكتب الإلكترونية. وتغيَّرت صناعة النشر والتأليف بالكامل. أصبح الكاتب يستطيع نشر كتابه وبيعه مباشرة بلا تكاليف كبيرة. مما جعل عملية النشر حرة أكثر وساعدت لانتشار كتب رائعة ما كانت لتظهر بسبب تردد دور النشر كرواية «المريخي» التي كانت في بدايتها منشورة كلياً على الإنترنت من قِبل كاتبها مباشرة.
ونعود لذكر أمازون التي بدأت حركة جديدة بإلغاء دور النشر الوسيطة بين البائعين – مثل أمازون – والكُتّاب. ووضعت نظاماً بسيطاً يمكّن الكاتب من بيع كتابه مباشرة عبر متجر كندل الإلكتروني. والمفاجأة أن %20 مما يصرفه القرّاء في متجر كندل يذهب إلى هؤلاء الكتّاب المستقلين.
ويظن بعض الباحثين أن وجود الكتاب الإلكتروني أتى بثورة ضد احتكار العلم لمن يملك المال. والمبادرات للمكتبات المجانية العملاقة كالتي سبق ذكرها ساعدت بنشر الكتاب والعلم لكل من يحتاجه بأقل التكاليف.
نشأت نقاشات عديدة بين محبي القراءة عن الفروقات بين القراءة من الشاشة والقراءة من الكتاب الورقي. ومهما تغزل محبو الكتب الورقية برائحة الورق وإحساسه وجمال منظرها وهي مصفوفة على رفوف المكتبة وقلة التنبيهات التي تقاطع القراءة والقدرة على الاستعارة والإهداء بين الأصدقاء. وإحساس الإنجاز حين يرون الكم المادي للصفحات التي قرأوها. إلا أن المبيعات ظلت تخذلهم لفترة من الزمن وتؤكد لهم أن الكتاب الإلكتروني ينتشر.
وفي الجهة المقابلة يتحيّز محبو الكتاب الإلكتروني ضد القرّاء الورقيين بأن هدفهم الأول من حمل الكتاب الورقي هو التبجح بمنظر الكتاب بين أيديهم. وأن كثيراً من الكتب المطبوعة لا تستحق قطع الأشجار من أجلها. ورغم أن الأسباب البيئية التي يروّج لها محبُّو الكتب الإلكترونية تبدو مقنعة إلا أنهم لا يفكرون كثيراً بالمعادن وهدر الطاقة والتلوث الذي يقتضي صنع الجهاز الذي يقرؤون منه كتابهم ويتناسون أن الأشجار مصدر متجدِّد ويمكن إعادة زرعها مرة أخرى، عكس الطاقة الأحفورية التي يستهلكونها.
فما الفرق بين القراءة من الشاشة والقراءة من الورقة؟
بعض الدراسات خلصت إلى أن الكتب الورقية أفضل للقراءة الدراسية والكتب التي تريد تذكر معلوماتها بشكل أفضل لأسباب منها ربط المعلومة في الذاكرة بمكانها في الكتاب ولقلة التنبيهات التي تشتت التركيز.
أما الأعمال الإبداعية أو الترفيهية فالقراءة من كتاب إلكتروني جيدة لأن القارئ سيستطيع حملها معه وقراءتها بشكل عابر في أوقات الفراغ وأثناء السفر دون حمل وزن إضافي كبير. إلى جانب وجود الإضاءة في أغلب شاشات الأجهزة التي تيسر القراءة في السرير في الظلام.
المشكلة في الكتب الإلكترونية التي تواجه محبي العلوم والقراءة ليست في سهولة الحمل والتنقل والإضاءة. لكن في استرجاع المعلومات بعد عقود من القراءة.
فإن استغنى الناس عن الكتب الورقية. فلن تستمر دور النشر في طباعتها. وإن توقَّفت الكتب الورقية واعتمدنا على الإلكترونية، فما الذي يضمن لنا استطاعتنا نقل كل الكتب إلى التقنيات الجديدة؟
الكتب الورقية قبل يوم أو قبل مئة عام لا تحتاج لتقنية من أجل قراءتها. معرفتك باللغة كافٍ. لكن الإلكترونية تحكمها التقنية وهي متطورة ومتجدِّدة. وهذا التطور والتجدُّد يعني تغيّر الوسيط الذي يحمل لنا الكتب. ولا نضمن أن تستمر التقنية في حمل التقنيات القديمة معها.
ارتفاع مبيعات الكتاب الورقي مرة أخرى هذا العام والعام الماضي بنسب طفيفة وتوقّع بعض المختصين أن هذا الارتفاع سيستمر في المستقبل القريب. يؤكد لنا أنه ما زال للكتاب المطبوع على الورق قيمة واهتمام بين القرّاء. بسبب انتشار الدراسات سابقة الذكر إلى جانب حب جمع الكتب الموقَّعة من الكُتّاب ونوستالجيا ملمس الورق ولا يمكننا إغفال جمال المباهاة بمجموع الكتب التي ترتاح على رفوف المكتبة الخاصة بك والانطباع الذي تتركه لدى من يراها.

أضف تعليق

التعليقات